للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لباريها, آمنوا بالله وبرسوله, واهتدوا بهديه، وتحولوا بعد الإيمان من رجالٍ جبَّارين إلى رجالٍ من نوع آخر، رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، تلين قلوبهم إلى ذكر الله، ويتراحمون فيما بينهم، ويربط بينهم رباط الأخوة الإسلامية، فهم على اختلاف أشكالهم وألوانهم وهيئاتهم أخوة في الله, وهي أسمى معاني الأخوة.

والقرآن بترغيبه وترهيبه فيه دعوةٌ إلى استخدام العقل وإعمال البصيرة، إذ هو يخاطب الإنسان الذي أنعم الله عليه بنعمة العقل والبصيرة، لذلك نجد الآيات التي تختم بقوله تعالى: أفلا يعقلون، أفلا يبصرون، نجد فيها الدعوة إلى استعمال العقل والانتفاع بالحواس، ووصف القرآن من لا يسترشد بعقله وبصيرته بأنه لا يفقه؛ حيث لم ينتفع بعقله {لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا} [الأعراف: ١٧٩] .

ويستخدم التعبير القرآن في أسلوب الاستدلال في تفهيم الناس، والعقل آلة الفهم والربط, وبه يستدل على الأشياء، ولذلك نجد القرآن يسرد الأشياء التي تراها العين مضفيًا عليها قبسًا من نور العلم الرباني, وكلامًا ووصفًا لم يعهده كفار مكة من قبل في كلام حكمائهم وكهانهم وبلغائهم، ويطلب من الناس بعد ذلك أن يصلوا بعقولهم إلى الحقيقة, حقيقة الخالق الواحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوًا أحد.

نقرأ مثلًا من القرآن المكي ما جاء في سورة الرعد قوله تعالى: {اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ، وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ

<<  <   >  >>