للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

صلاة العصر إلى مغرب الشمس، وإنما مثلكم ومثل اليهود والنصارى كرجل استعمل عمالًا فقال: من يعمل لي إلى نصف النهار على قيراط قيراط؟، فعملت اليهود إلى نصف النهار على قيراط قيراط، ثم قال: من يعمل لي من نصف النهار إلى صلاة العصر على قيراط قيراط؟، فعملت النصارى من نصف النهار إلى صلاة العصر على قيراط قيراط، ثم قال: من يعمل لي من صلاة العصر إلى مغرب الشمس على قيراطين قيراطين؟، ألا فأنتم الذين يعملون من صلاة العصر إلى مغرب الشمس على قيراطين قيراطين، ألا لكم الأجر مرتين، فغضبت اليهود والنصارى، فقالوا: نحن أكثر عملًا وأقل عطاء، قال الله: هل ظلمتكم من حقكم شيئًا؟ قالوا: لا، قال: فإنه فضلي أعطيه من شئت" (١).

"وقد خصَّ الله تعالى محمدًا بخصائص ميزه الله بها على جميع الأنبياء والمرسلين، وجعل له شرعة ومنهاجًا - أفضل شرعة وأكمل منهاج مبين - كما جعل أمته خير أمة أخرجت للناس، فهم يوفون سبعين أمة خيرها وأكرمها على الله (٢) من جميع الأجناس، هداهم الله بكتابه ورسوله لما اختلفوا فيه من الحق قبلهم وجعلهم وسطًا عدلًا خيارًا، فهم وسط في توحيد الله وأسمائه وصفاته، وفي الإيمان برسله وكتبه وشرائع دينه من الأمر والنهي والحلال والحرام، فأمرهم بالمعروف ونهاهم عن المنكر، وأحل لهم الطيبات وحرم عليهم الخبائث، فأخرجهم بذلك من الظلمات إلى النور، فحصل لهم ببركة رسالته ويمن سفارته خير الدنيا والآخرة.

فلقد هدى الله الناس ببركة نبوة محمد ، وبما جاء به من


(١) أخرجه بهذا اللفظ البخاري في صحيحه، كتاب الأنبياء، باب ما ذكر عن بني إسرائيل. فتح الباري (٦/ ٤٩٥ - ٤٩٦) (ح ٣٤٥٩).
(٢) انظر في هذا الموضوع وأدلته: المبحث الثالث من الفصل الأول من الباب الثالث.

<<  <   >  >>