للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الرسول لم يكن له أن يدعها لقول أحد" (١).

[ج - محاربتهم للرأي الباطل]

وأما الأمر الثالث من الأمور التي يرى السلف أنها تناقض الاتباع وتضاده فهو "الرأي".

فعن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: سمعت رسول الله يقول: "إن الله لا ينزع العلم بعد إذ أعطاكموه انتزاعًا، ولكن ينتزعه منهم مع قبض العلماء بعلمهم، فيبقى ناس جهال يستفتون فيفتون برأيهم فيضلون ويضلون" (٢)، والمقصود به هو الرأي الباطل الذي ليس من الدين؛ لأن الرأي ينقسم إلى ثلاثة أقسام:

١ - رأي باطل بلا ريب.

٢ - رأي صحيح.

٣ - رأي هو موضع الاشتباه.

والأقسام الثلاثة قد أشار إليها السلف، فاستعملوا الرأي الصحيح وعملوا به وأفتوا به، وسوغوا القول به. وذموا الباطل ومنعوا من العمل والفتيا والقضاء به، وأطلقوا ألسنتهم بذمه وذم أهله.

والقسم الثالث: سوَّغوا العمل والفتيا والقضاء به عند الاضطرار إليه حيث لا يوجد منه بد، ولم يلزموا أحدًا العمل به، ولم يحرموا مخالفته ولا جعلوا مخالفته مخالفًا للدين، بل غايته أنهم خيروا بين قبوله ورده، فهو بمنزلة ما أبيح للمضطر من الطعام والشراب الذي يحرم عند عدم الضرورة إليه (٣).


(١) الروح لابن القيم (٢/ ٧٦٨، ٧٦٩).
(٢) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الاعتصام، باب ما يذكر من ذم الرأي. فتح الباري (١٣/ ٢٨٢) (ح ٧٣٠٧).
(٣) إعلام الموقعين (١/ ٦٧). وقد تناول ابن القيم في هذا الكتاب القول بالتفصيل =

<<  <   >  >>