للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والحديث ههنا يتناول الرأي الباطل فقط، وهو على أنواع:

أحدها: الرأي المخالف لله، وهذا مما يعلم بالاضطرار من دين الإسلام فساده وبطلانه، ولا تحل الفتيا به ولا القضاء، وإن وقع فيه من وقع بنوع تأويل وتقليد.

الثاني: هو الكلام في الدين بالخرص والفن، مع التفريط والتقصير في معرفة النصوص وفهمها واستنباط الأحكام منها، فإن من جهلها وقاس برأيه فيما سئل عنه بغير علم، بل لمجرد قدر جامع بين الشيئين الحق أحدهما بالآخر أو لمجرد قدر فارق يراه بينهما يفرق بينهما في الحكم، من غير نظر إلى النصوص والآثار، فقد وقع في الرأي المدعوم الباطل.

النوع الثالث: الرأي المتضمن تعطيل أسماء الرب وصفاته وأفعاله بالمقاييس الباطلة التي وضعها أهل البدع والضلال من الجهمية والمعتزلة والقدرية (١) ومن ضاهاهم، حيث استعمل أهله قياساتهم الفاسدة وآراءهم الباطلة وشبههم الداحضة في رد النصوص الصحيحة الصريحة، فردوا لأجلها الفاظ النصوص التي وجدوا السبيل إلى تكذيب رواتها وتخطئتهم، ومعاني النصوص التي لم يجدوا إلى رد ألفاظها سبيلًا، فقابلوا النوع الأول بالتكذيب، والنوع الثاني بالتحريف والتأويل، فأنكروا لذلك رؤية المؤمنين لربهم في الآخرة، وأنكروا كلامه وتكليمه لعباده، وأنكروا مباينته للعالم، واستواءه على عرشه وعلوه على المخلوقات، وعموم قدرته على كل شيء، بل أخرجوا أفعال عبادة من الملائكة


= عن أنواع الرأي، فمن أراد التوسع والاستفادة فليرجع إليه.
(١) سموا بذلك لقولهم في القدر، وهم يزعمون أن العبد هو الذي يخلق فعله استقلالًا، فأثبتوا خالقًا مع الله، الملل والنحل (١/ ٥٤)، ومجموع الفتاوى (٨/ ٢٥٦).

<<  <   >  >>