للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[تمهيد]

" من المعلوم لكل من عنده مسكة من عقل أن الله لم يخلق هذا الخلق عبثًا كما قال تعالى: ﴿أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ (١١٥)[المؤمنون] وكما قال: ﴿أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى (٣٦)[القيامة]؛ أي: مهملًا هملًا، لا يؤمر ولا ينهى، ولا يثاب ولا يعاقب.

والغاية التي خلق من أجلها الجن والإنس هي التي أخبر الحق عنها بقوله: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (٥٦)[الذاريات]، فهو سبحانه خلقهم للأمر والنهي في الدنيا، والثواب أو العقاب في الآخرة.

وإذا تمهد هذا فإنه يعلم مدى حاجتهم وضرورتهم إلى الشريعة وأحكامها، إذ بواسطتها يتعرف على مواقع رضى الله وسخطه في حركات العباد الاختيارية.

والناس أحوج ما يكونون إلى معرفة ما جاء به الرسول والقيام به والدعوة إليه والصبر عليه وجهاد من خرج عنه حتى يرجع إليه، إذ ليس للعالم صلاح بدون ذلك البتة" (١). ولذلك فرض الله على الإنس والجن طاعة من أرسل من الرسل


(١) كتاب: "تحذير أهل الإيمان عن الحكم بغير ما أنزل الرحمن"، تأليف الشيخ إسماعيل بن إبراهيم الخطيب الحسني الأسعردي مطبوع ضمن الرسائل المنيرية (١/ ١٤٠، ١٤١) بتصرف.

<<  <   >  >>