للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[٢ - وتعلق حق جميع المؤمنين]

من هذه الأمة ومن غيرها من الأمم به، فإن جميع المؤمنين مؤمنون به خصوصا أمته فإن قيام أمر دنياهم ودينهم وآخرتهم به، بل عامة الخير الذي يصيبهم في الدنيا والآخرة بواسطته وسفارته فالسب له أعظم عندهم من سب أنفسهم وآبائهم وأبنائهم وسب جميعهم، كما أنه أحب إليهم من أنفسهم وأولادهم وآبائهم والناس أجمعين.

[٣ - وتعلق حق رسول الله به]

من حيث خصوص نفسه، فإن الإنسان تؤذيه الوقيعة في عرضه أكثر مما يؤذيه أخذ ماله، وأكثر مما يؤذيه الضرب، بل ربما كانت عنده أعظم من الجرح ونحوه، خصوصا من يجب عليه أن يظهر للناس كمال عرضه وعلو قدره لينتفعوا بذلك في الدنيا والآخرة، فإن هتك عرضه وعلو قدره قد يكون أعظم عنده من قتله، فإن قتله لا يقدح عند الناس في نبوته ورسالته وعلو قدره كما أن موته لا يقدح في ذلك، بخلاف الوقيعة في عرضه فإنها قد تؤثر في نفوس بعض الناس من النفرة عنه وسوء الظن به ما يفسد عليهم إيمانهم ويوجب لهم خسارة الدنيا والآخرة … " (١).

وبهذا يعلم أن السب فيه من الأذى لله ولرسوله ولعباده المؤمنين ما ليس في غيره من الأمور كالكفر والمحاربة.

وبما تقدم ذكره من الأدلة يتضح انتقاض إيمان من طعن في شخص الرسول بسب أو استهزاء أو انتقاص سواء كان في ذلك جادا أو هازلا.

ويستثنى من ذلك المكره بدليل قوله تعالى: ﴿إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ﴾ فالآية نزلت في عمار بن ياسر (٢) حين


(١) الصارم المسلول (ص ٢٩٣ - ٢٩٤).
(٢) عمار بن ياسر حليف بني مخزوم: من السابقين الأولين هو وأبوه وأمه، =

<<  <   >  >>