للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[ج - عصمته من الكذب في غير الوحي والتبليغ]

من المعروف عن سيرته قبل البعثة وبعدها أنه متصف بكل خلق فاضل من صدق وأمانة وبر وصلة رحم وإحسان وجود إلى غير ذلك من محاسن الأخلاق التي جبله الله عليها منذ نشأته، وحري به أن يكون كذلك فقد اختاره الله لحمل الأمانة العظمى التي هي أداء الرسالة وتبليغها إلى الناس كافة، فكان لابد من إعداده لهذه المهمة، ولذا فقد فطره الله على كل خلق فاضل كريم وقد جمع الله له خصال الخير كلها، فلم يكن يدعى إلا بالأمين، ومن الأدلة التي يستدل بها على اتصافه بالصدق قبل بعثته ما يلي:

١ - قول خديجة بنت خويلد (١) حينما أتاها النبي خائفا بعد أن لقيه جبريل في غار حراء وقال لها: "إني قد خشيت على نفسي"، فقالت له: "كلا أبشر، فوالله لا يخزيك الله أبدا، فوالله إنك لتصل الرحم وتصدق الحديث، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق" (٢).

٢ - إجماع قريش على الإقرار بصدقه حينما جمعها ليصدع بالدعوة جهرا فعن ابن عباس قال: "لما نزلت ﴿وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ﴾ صعد النبي على الصفا فجعل ينادي: "يا بني فهريا بني عدي" - لبطون قريش - حتى اجتمعوا، فجعل الرجل إذا لم يستطع أن


(١) خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي القرشية الأسدية: زوج النبي وأول من صدقت ببعثته مطلقا، توفيت بعد خروج بني هاشم من الشعب. الإصابة (٤/ ٢٧٣ - ٢٧٦).
(٢) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب التفسير. انظر: فتح الباري (٨/ ٧١٥) ح ٤٩٥٣.

<<  <   >  >>