للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بحسب ما استجاب للرسول" (١).

ولقد أعقب هذا الأمر بالاستجابة تحذير من ترك الاستجابة له أو تثاقل وتباطؤ عنها، فقال تعالى: ﴿واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه﴾ [الأنفال: ٢٤] والمعنى: "أنكم إن تثاقلتم عن الاستجابة وأبطأتم عنها فلا تأمنوا أن الله يحول بينكم وبين قلوبكم فلا يمكنكم بعد ذلك من الاستجابة عقوبة لكم بعد وضوح الحق واستبانته" (٢).

وأما قوله تعالى: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا (٢١)[الأحزاب]، فقد جعل الله من رسوله الأسوة والقدوة ليحتذي به الخلق في أقواله وأفعاله وجميع ما جاء به ، قال ابن كثير: "هذه الآية الكريمة أصل كبير في التأسي برسول الله في أقواله وأفعاله وأحواله … " (٣).

[ج - الآيات التي جاء فيها وجوب التسليم لحكمه والانقياد له]

قال تعالى: ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (٦٥)[النساء].

وفي هذه الآية أقسم سبحانه بأجل مقسم به - وهو نفسه ﷿ على أنه لا يثبت لهم إيمان ولا يكونون من أهله، حتى يحكموا رسول الله في جميع موارد النزاع وفي جميع أبواب الدين، فإن لفظة "ما" من صيغ العموم. ولم يقتصر الأمر على مجرد التحاكم بل ضم إليه انشراح صدورهم بحكمه بحيث لا يجدون في أنفسهم حرجًا - وهو الضيق والحصر - من حكمه، بل يقبلوا حكمه بالانشراح، ويقابلوه بالتسليم


(١) الفوائد لابن القيم (ص ٨٨) بتصرف.
(٢) المصدر السابق (ص ٩٥).
(٣) تفسير ابن كثير (٣/ ٤٧٤).

<<  <   >  >>