للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالرسول إنما هو مبلِّغ عن الله ولم يأت بشيء من عند نفسه، قال تعالى: ﴿قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ﴾ الآية [الكهف: ١١٠]، وقال تعالى: ﴿آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ﴾ الآية [البقرة: ٢٨٥].

وفي الآية الأخرى وهي قوله تعالى: ﴿فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ﴾ [الأعراف]، جاء الأمر بالاتباع عقب الأمر بالإيمان تأكيدًا على وجوب اتباع النبي ، وإلا فإن الاتباع داخل في الإيمان، ولكن أفرد بالذكر هنا تنبيها على أهميته وعظم منزلته.

وأما قوله تعالى: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا﴾ [الحشر: ٧]، فهذه الآية أوجبت الاتباع المطلق للنبي ، فما أمر به من شيء فإن علينا فعله، وما نهى عن شيء فإن علينا تركه واجتنابه، فهو لا يأمر إلا بخير ولا ينهى إلا عن شر.

وفي هذا الاتباع والانقياد حياتنا وفلاحنا، كما قال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (٢٤)[الأنفال].

فهنا أمر من الله تعالى للمؤمنين جميعًا بأن يستجيبوا للرسول فيما أمرهم به ونهاهم عنه، ففي ذلك الحياة النافعة الطيبة، وهذه الحياة إنما تحصل بالاستجابة لما جاء به الرسول أمرًا ونهيًا، وأما من لم تحصل منه الاستجابة فلا حياة له، وإن كانت له حياة بهيمية مشتركة بينه وبين أرذل الحيوانات، "إذ الحياة الحقيقية الطيبة هي حياة من استجاب لله ولرسوله ظاهرًا وباطنًا، فهؤلاء هم الأحياء وإن ماتوا، وغيرهم أموات وإن كانوا أحياء الأبدان، ولهذا كان أكمل الناس حياة أكملهم استجابة لدعوة الرسول ، فإن كل ما دعا إليه ففيه الحياة، فمن فاته جزء منه فاته جزء من الحياة، وفيه من الحياة

<<  <   >  >>