للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب الثالث: مسألة وقوع الخطأ منه]

تقدم ذكر الأمور التي عُصم فيها ، وبقي أن نعلم هل يقع الخطأ منه في غير ما تقدم؟، والجواب على هذا: أن القول الذي عليه أكثر علماء الإسلام (١) والذي دلت عليه نصوص القرآن والسنة أن الخطأ يقع منه في غير ما تقدم ذكره ولكنهم يعتقدون الأمور التالية:

١ - أن الله لا يقره على هذا الخطأ الذي وقع منه ، بل يوجهه الله للحق وقد يحصل له العتاب على ذلك.

٢ - أن الخطأ يقع منه على سبيل الاجتهاد من غير أن يتعمده ولذلك لا تسمَّى "معصية" فهذه العبارة تعد إساءة أدب معه ولا يصح إطلاقها في حقه .

٣ - أن ما يقع منه من هذا القبيل ليس مما يقدح في حقه أو ينقص من منزلته وقدره، ولقد سبق بيان الأمور التي عصم فيها وتلك الأمور هي التي في حالة وقوعها تقدح في حقه ومنزلته، وقد عصم فيها.

٤ - أن التوبة حاصلة منه عن هذا الخطأ، وهذا مما يرفع من قدره ويعلي منزلته (٢) كما أن الله قد وعده بالمغفرة بقوله تعالى: ﴿لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّر﴾.

وأما النصوص التي يستدل بها على هذا القول فمنها:

قوله تعالى: ﴿عَبَسَ وَتَوَلَّى (١) أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى (٢) وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ


(١) مجموع الفتاوى (٤/ ٣١٩).
(٢) المرجع السابق (١٠/ ٢٩٣).

<<  <   >  >>