للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يَزَّكَّى﴾. فهذه الآيات نزلت عتابًا من الله تعالى لنبيه (١) فقد ذكر غير واحد من المفسرين أن رسول الله كان يوما يخاطب بعض عظماء قريش وقد طمع في إسلامه فبينما هو يخاطبه ويناجيه إذ أقبل ابن أم مكتوم (٢) وكان ممن أسلم قديما فجعل يسأل رسول الله من شيء ويلح عليه وود النبي أن لو كف ساعته ليتمكن من مخاطبة ذلك الرجل طمعا ورغبة في هدايته، وعبس في وجه ابن أم مكتوم وأعرض عنه وأقبل على الآخر فأنزل الله تعالى: ﴿عَبَسَ وَتَوَلَّى (١) أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى (٢) وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى (٣)(٣).

وكذلك قوله تعالى ﴿مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ، لَوْلا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾.

وقوله تعالى: ﴿عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ﴾.

قال قتادة: "ثنتان فعلهما النبي ولم يؤمر بهما، إذنه لطائفة من المنافقين في التخلف عنه ولم يكن له أن يمضي شيئا إلا بوحي، وأخذه من الأسارى الفدية، فعاتبه الله كما تسمعون" (٤).

وأما ما يقع من الخطأ منه في جانب الأمور الدنيوية فمن الأدلة على ذلك حديث رافع بن خديج (٥) قال: "قدم نبي الله المدينة


(١) تفسير القرطبي (١٩/ ٢١٢).
(٢) ابن أم مكتوم اختلف في اسمه، فقيل: عمرو، وقيل: عبد الله، وعمرو أكثر، وهو ابن قيس بن زائدة القرشي، أسلم قديمًا بمكة وكان من المهاجرين الأولين، قيل: استشهد بالقادسية وقيل مات بالمدينة. الإصابة (٢/ ٥١٦ - ٥١٧).
(٣) تفسير ابن كثير (٤/ ٤٧٠).
(٤) تفسير القرطبي (٨/ ١٥٤، ١٥٥).
(٥) رافع بن خديج بن رافع الأنصاري الأوسي، عرض على النبي يوم بدر =

<<  <   >  >>