ولكني سأشير إلى بعض هذه الدلائل إشارات سريعة على سبيل المثال:
[أ - القرآن الكريم]
هو أعظم الآيات والبراهين والدلائل والمعجزات التي أعطيها النبي ﷺ، وليس من آية أبدع ولا أروع منه.
فهو المعجزة الخالدة التي أعطاها الله لرسوله ﷺ لتكون خالدة كخلود رسالته، ومشهودة لكل من أتى بعد زمانه ليعم الانتفاع بها ولتقوم بها الحجة على أهل كل زمان إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ولقد تعهد الله بحفظه وبقائه فقال تعالى: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ فكان في هذا الحفظ دوامه وبقاؤه إلى قيام الساعة.
ولقد ميَّز الله نبيه بهذه المعجزة عن سائر إخوانه من الأنبياء كما جاء في حديث أبي هريرة ﵁ عن النبي ﷺ قال:"ما من الأنبياء نبي إلا أعطي من الآيات ما مثله آمن عليه البشر، وإنما كان الذي أوتيته وحي أوحاه الله إلي، فأرجو أني أكثرهم تابعا يوم القيامة"(١).
وفى تخصيص النبي ﷺ للقرآن بالذكر هنا دون المعجزات الأخرى التي أعطيها - والتي تزيد على الألف - إشارة إلى عظم هذه المعجزة ومكانتها حتى أنه أصبح غيرها بالنسبة إليها كلا شيء لشيء.
ولقد تضمنت هذه المعجزة وجوها متعددة من الإعجاز، فالقرآن الكريم معجز بلغته وفصاحته وبيانه وبلاغته وأحكامه وتشريعاته وبما حواه من أخبار وقصص، ومغيَّبات، وعلوم، فهو معجز من جميع الوجوه،
(١) أخرجه البخارى في صحيحه، كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب قول النبي ﷺ: "بعثت بجوامع الكلم" واللفظ له، انظر فتح الباري (٣/ ٢٤٧) ح ٧٢٧٤. وأخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الإيمان: باب وجوب الإيمان برسالة نبينا محمد ﷺ إلى جميع الناس ونسخ الملل بملته. انظر (١/ ٩٢، ٩٣).