للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهم يؤبِّرون النخل، يقولون: يلقحون النخل، فقال: ما تصنعون؟ قالوا: كنا نصنعه. قال: لعلكم لو لم تفعلوا كان خيرًا. فتركوه، فنقصت قال: فذكروا ذلك له، فقال: "إنما أنا بشر، إذا أمرتكم بشيء من دينكم فخذوا به، وإذا أمرتكم بشيء من رأي فإنما أنا بشر" (١).

وفى رواية أنس: "أنتم أعلم بأمر دنياكم" (٢)، وفي رواية طلحة: "إن كان ينفعهم ذلك فليصنعوه، فإني إنما ظننت ظنا فلا تؤاخذوني بالظن، ولكن إذا حدثتكم عن الله شيئا فخذوا به فإني لا أكذب على الله ﷿" (٣)، وكما حكى ابن إسحاق (٤) أنه لما نزل بأدنى مياه بدر قال له الحباب بن المنذر (٥): أهذا منزل أنزلكه الله ليس لنا أن نتقدمه أم هو الرأي والحرب والمكيدة؟ قال: "لا بل هو الرأي والحرب والمكيدة"، قال: فإنه ليس بمنزل، انهض حتى نأتي أدنى ماء من القوم فننزله ثم نغور ما وراءه من القُلُب، فنشرب ولا يشربون، فقال: "أشرت بالرأي"، وفعل ما قاله (٦).


= فاستصغره وأجازه يوم أحد فخرج بها وشهد ما بعدها، مات في زمن معاوية. الإصابة (١/ ٤٨٣، ٤٨٤).
(١) أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الفضائل: باب وجوب امتثال ما قاله شرعًا دون ما ذكره من معايش الدنيا على سبيل الرأي (٧/ ٩٥).
(٢) أخرجه مسلم في صحيحه (٧/ ٩٥).
(٣) أخرجه مسلم في صحيحه (٧/ ٩٥).
(٤) محمد بن إسحاق بن يسار المدني المطلبي، مولاهم، نزيل العراق، إمام المغازي، مات سنة ١٥٠ هـ. تهذيب التهذيب (٩/ ٣٨).
(٥) الحباب بن المنذر بن الجموح الأنصاري الخزرجي، شهد بدرا، مات في خلافة عمر. الإصابة (١/ ٣٠٢).
(٦) الشفا للقاضي عياض (٢/ ٨٧١، ٨٧٢) وأخرجه البيهقي في دلائل النبوة (٣/ ٣١ - ٣٥)، وعزاه السيوطي في مناهل الصفا (ص ٨٠) لابن إسحاق والبيهقي عن عروة والزهري وجماعة.

<<  <   >  >>