للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يخرج أرسل رسولًا لينظر ما هو، فجاء أبو لهب (١) وقريش، فقال: "أرأيتكم لو أخبرتكم أن خيلا بالوادي تريد أن تغير عليكم أكنتم مصدِّقي". قالوا: ما جربنا عليك إلا صدقًا.

قال: "فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد … " الحديث (٢).

فالشاهد من الحديث قولهم "ما جربنا عليك إلا صدقا" فالنبي انتزع منهم هذه الشهادة الجماعية بصدقه وانتفاء الكذب عنه، لعلمه بما قد سيقع من تكذيبهم له عند إخبارهم بأمر الرسالة.

٣ - على تكذيب قريش للنبي في دعوة النبوة إلا أن أحدا منهم لم يجرؤ على وصفه بالكذب في سواها فقد قال أبو جهل (٣) للنبي : إنا لا نكذبك، ولكن نكذب الذي جئت به (٤) فأنزل الله تعالى: ﴿فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ﴾.

وكذلك عندما سأل الأخنس بن شريق (٥) أبا جهل بعد ما خلا به يوم بدر فقال: "يا أبا الحكم، أخبرني عن محمد أصادق هو أم كاذب؟ فإنه ليمر ههنا من قريش أحد غيري وغيرك يسمع كلامنا، فقال أبو جهل: ويحك، والله إن محمدا لصادق، وما كذب محمد قط، ولكن


(١) اسمه عبد العزى بن عبد المطلب، وكنيته أبو عتبة: وهو أحد أعمام الرسول ، كان كثير الأذية لرسول الله والبغضة له ولدينه. تفسير ابن كثير (٤/ ٥٦٤).
(٢) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب التفسير: باب ﴿وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ﴾، انظر: فتح الباري (١٨/ ٥٠١) ح ٤٧٧٠، واللفظ له.
(٣) اسمه عمرو بن هشام، وكان من أشد الناس عداوة للنبي قتل يوم بدر. ابن الأثير (١/ ٢٣ - ٤٧).
(٤) انظر: تفسير الطبري (٧/ ١٨٢).
(٥) الأخنس بن شريق الثقفي: كان من المؤلفة، وشهد حنينًا، ومات في أول خلافة عمر. الإصابة (١/ ٣٩ - ٤٠).

<<  <   >  >>