للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد أخبر في مواطن متعددة بأنه قد أبلغ أمور الرسالة وأوضحها لأمته، وهو الصادق المصدوق ومن ذلك قوله : "قد تركتكم على مثل البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك" (١)

وهذا هو الحق، فقد بلَّغ وحي ربه وصدع بأمره، ونهض بأعباء الرسالة كما أراد الله منه، فأدى الأمانة ونصح لأمته وجاهد في الله حق جهاده، وما ترك لأمته من شيء يقربهم إلى الجنة إلا وقد دلهم عليه ورغبهم فيه، ولا من شيء يبعدهم عن النار إلا وقد حدثهم به وحذرهم منه، وبين لهم كل ما فيه صلاح دينهم ودنياهم وآخرتهم فهذه هي مهمته ورسالته ﴿وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ﴾، وقد أتم ما أوكل إليه على أتم وجه وأكمله فأبان الطريق ودل على صراط الله المستقيم وترك الأمة على مثل البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك.

ولقد شهد الصحابة رضوان الله عليهم بهذا. فهم الذين كان النبي بين ظهرانيهم، وكانوا ملازمين له في كل أحواله وحركاته فهم أعلم بما كان. وسأورد بعض ما ورد عنهم في هذا الشأن.

فقد سئل سلمان الفارسي (٢) فقيل له: "أقد أعلمكم نبيكم كل شيء حتى الخراءة؟ فقال: "أجل لقد نهانا أن نستقبل القبلة بغائط أو


(١) أخرجه أحمد في مسنده (٤/ ١٢٦) واللفظ له، وابن أبي عاصم في السنة (١/ ٢٧) ح ٤٩، وابن ماجة في السنن، المقدمة: باب اتباع سنة الخلفاء الراشدين (١/ ١٦) ح ٤٣، والحاكم في المستدرك (١/ ٩٦) وقال الألباني في ظلال الجنة في تخريج السنة (١/ ٢٧٠). "حديث صحيح".
(٢) سلمان أبو عبد الله الفارسي: أصله من رامهرمز، وقيل من أصبهان سمع بالنبي قبل مبعثه فتغرب بحثًا عنه، وتسبب ذلك إلى وقوعه في الرق ومنّ الله عليه بالإسلام. أول مشاهده الخندق، وكان خيّرًا فاضلًا حبرًا عالمًا زاهدًا، توفي عام ٣٥ هـ. الإصابة (٢/ ٦٠، ٦١) رقم ٣٣٥٧.

<<  <   >  >>