للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سمعت عزفًا بالغرابيل والمزامير، قلت: ما هذا؟ فقيل: تزوج فلان فلانة، فجلست أنظر وضرب الله على أذني فوالله ما أيقظني إلا مس الشمس، فرجعت إلى صاحبي فقال: ما فعلت؟، قلت: ما فعلت شيئا، ثم أخبرته بالذي رأيت، ثم قلت له ليلة أخرى: أبصر لي غنمي حتى أسمر بمكة، ففعل فدخلت فلما جئت مكة سمعت مثل الذي سمعت تلك الليلة فجلست أنظر وضرب الله على أذني فوالله ما أيقظني إلا مس الشمس فرجعت إلى صاحبي فقال: ما فعلت؟، قلت: لا شيء ثم أخبرته الخبر، فوالله ما هممت ولا عدت بعدهما لشيء من ذلك حتى أكرمني الله بنبوته" (١).

وعن علي قال: قيل للنبي : هل عبدت وثنا قط؟، قال: "لا".

قالوا: فهل شربت خمرا قط؟

قال: "لا وما زلت أعرف أن الذي هم عليه كفر وما كنت أدري ما الكتاب ولا الإيمان" (٢).

فهذا عن عصمته قبل مبعثه فما بالك بعد مبعثه والأمر لا يتعلق بنفسه فقط بل يتعداه لغيره بكونه هو القدوة ومعلم الناس وهاديهم ومرشدهم بل إن كل قول من أقواله وكل فعل من أفعاله يعد تشريعًا تأخذ به أمته إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، فأمر عصمته من


(١) أخرجه أبو نعيم في دلائل النبوة (ص ١٤٣)، والبيهقي في دلائل النبوة (٢/ ٣٣، ٣٤)، وأورده السيوطي في الخصائص الكبرى (١/ ١٤٩، ١٥٠)، وعزاه لابن راهويه في مسنده وابن إسحاق والبزار والبيهقي وأبي نعيم وابن عساكر وقال: قال ابن حجر: إسناده حسن متصل ورجاله ثقات. وأورده ابن كثير في البداية (٢/ ٢٨٧).
(٢) أورده السيوطي في الخصائص الكبرى (١/ ١٥٠) وعزاه لأبي نعيم وابن عساكر.

<<  <   >  >>