وخاتم المرسلين وسيدهم وأكرمهم على ربه - نبينا محمد ﷺ الذي جعله الله رحمة للعالمين: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ (١٠٧)﴾ [الأنبياء]، وأرسله بالهدى ودين الحق بين يدي الساعة بشيرًا ونذيرًا وداعيًا إلى الله بإذنه وسراجًا منيرًا، فختم به الرسالة وهدى به من الضلالة، وعلم به من الجهالة، وفتح برسالته أعينًا عميًا، وآذانًا صمًا، وقلوبًا غلفًا، فأشرقت برسالته الأرض بعد ظلماتها، وتألفت به القلوب بعد شتاتها، فأقام بها الملة العوجاء وأوضح بها المحجة البيضاء، فبين عن طريقه ﷺ الكفر من الإيمان، والربح من الخسران، والهدى من الضلال، وأهل الجنة من أهل النار، والمتقين من الفجار، فهو المبعوث رحمة للعالمين، ومحجة للسالكين وحجة على الخلائق أجمعين.
وقد أوجب الله وافترض على العباد طاعته ومحبته وتعزيره وتوقيره والقيام بحقوقه، وأوصاه باتباع شرعه ونهجه والسير على هداه، وجعل طريقه هي الطريق الوحيد الموصلة إليه، وسد باقي الطرق فلم يفتح لأحد طريقًا غير طريقه، وسمى تلك الطرق سبلًا تضل عن سبيله، فقال تعالى: ﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (١٥٣)﴾ [الأنعام].
ولذلك فإن الخير كل الخير في اتباعه والاقتداء به، والشر كل الشر في مخالفته والبعد عن شرعه وما جاء به.
والأدلة على وجوب طاعته ﷺ ولزوم سنته واتباع شريعته كثيرة، وهذا ما سأتطرق إليه في هذا الفصل بإذن الله تعالى، والله الموفق وهو الهادي إلى سواء السبيل.