للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فذلك مثل القلب الزكي الذكي، فهو يقبل العلم بذكائه، فيثمر فيه وجوه الحكم ودين الحق بزكائه، فهو قابل للعلم، مثمر لموجبه وفقهه وأسرار معادنه.

* والثانية: أرض صلبة قابلة لثبوت ما فيها وحفظه، فهذه تنفع الناس لورودها والسقي منها والازدراع.

وهو مثل القلب الحافظ للعلم الذي يحفظه كما سمعه، فلا تصرف فيه، ولا استنبط، بل للحفظ المجرد، فهو يؤدي كما سمع، وهو من القسم الذي قال فيه النبي : "فرب حامل فقه إلى من هو أفقه منه ورب حامل فقه غير فقيه" (١).

فالأول: كمثل الغني التاجر الخبير بوجوه المكاسب والتجارات فهو يكسب بماله ما شاء.

والثاني: مثل الغني الذي لا خبرة له بوجوه الربح والمكسب، ولكنه حافظ لما لا يحسن التصرف والتقلب فيه.

• والأرض الثالثة: أرض قاع، وهو المستوي الذي لا يقبل النبات، ولا يمسك ماء، فلو أصابها من المطر ما أصابها لم تنتفع منه بشيء.

فهذا مثل القلب الذي لا يقبل العلم والفقه والدراية، وإنما هو بمنزلة الأرض البور التي لا تنبت ولا تحفظ، وهو مثل الفقير الذي لا مال له ولا يحسن يمسك مالًا.


(١) أخرجه ابن ماجه في السنن (٢/ ١٨٨)، كتاب المناسك، باب الخطبة يوم النحر؛ وأخرجه الحاكم في المستدرك (١/ ٨٧)، وقال: "وفي الباب عن جماعة من الصحابة"، وقد جمع طرق هذا الحديث الشيخ عبد المحسن العباد في كتاب سماه "دراسة حديث: "نضر الله امرءًا سمع مقالتي … "رواية ودراية" وذكر أن الحديث صحيح وبلغ حد التواتر.

<<  <   >  >>