للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومَن لَمْ يَذُدْ عَنْ حَوْضِهِ بسلاحِهِ … يُهدَّمْ ومَنْ لا يَظلمِ النَّاسَ يُظْلَمِ

حتى إذا أذن الله لشمس الإسلام أن تشرق، بعث محمدًا ليعلن للبشرية أنّه: "لا إله إلا الله، ولا معبود بحق سواه".

لقد جاء بالتوحيد الذي هو حق الله على العبيد، والغاية العظمى من الخلق: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (٥٦)[الذاريات].

به بُعث الرسل صلوات الله وسلامه عليهم وأنزلت الكتب، ورفع من أجله علم الجهاد.

ثلاث عشرة سنة في مكة والنبي يدعو إليه، ويغرس جذوره في أعماق النفوس، ويبني أسسه ودعائمه في سويداء القلوب، ويثبت أركانه في الوجدان؛ حتى اتضحت سبيله للسالكين، وبانت معالمه للراغبين، فأظهر الله الحق وأزهق الباطل، وأضاءت القلوب أنوار التوحيد الخالص، فجلته من أوضار الشرك، وصقلته من أدران التنديد.

لقد جاء النبي والقلوب أرضٌ جرداء فسقاها من نمير التوحيد، وأرواها من سلسبيل الإخلاص، وساقها إلى الله بدليل المتابعة، فاهتزت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج، فعزت الأمة بعد ذلتها، واجتمعت بعد فرقتها، وصارت غالبة بعد أن كانت مغلوبة.

بقيت العقيدة على صفائها ونقائها وطُهرها؛ حتى إذا قضى الله أمرًا كان مفعولًا، ودخل في دين الله من لم يتشرب قلبه التوحيد الخالص، حدث في الناس الخلل، وتفرقت بهم السبل، وراجت المذاهب المنحرفة، والأفكار الهدامة، وأطلت الفتن برأسها، وفشت البدع ببؤسها، حتى إذا زاغت الأبصار، وبلغت القلوب الحناجر، وابتلي المؤمنون وزلزلوا زلزالًا شديدًا؛ قيض الله من أئمة الهدى، ومصابيح الدجى من يعيد الناس إلى مشكاة النبوة وقلعة الإيمان، ويكشف لهم زيوف الباطل، ويدحض شبه المبطلين، ويردَّهم إلى منهج السلف الصالح.

<<  <   >  >>