للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على جهة الاستقلال، فقال تعالى: (وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول) (المائدة: ٩٢)، وقال تعالى: (ومن يطع الرسول فقد أطاع الله) (النساء: ١٨٠)، فهذه الطاعة المأمورون بها هي طاعة مختصة به (١)، ويجب علينا العمل بها.

فالسلف يؤمنون "بأن الله سبحانه نصب رسول الله منصب المبلغ المبين عنه، فكل ما شرعه للأمة فهو بيان منه عن الله أن هذا شرعه ودينه، ولا فرق بين ما يبلغه عنه من كلامه المتلو ومن وحيه الذي هو نظير كلامه في وجوب الاتباع، ومخالفة هذا كمخالفة هذا.

فعلى سبيل المثال، فإن الله أمرنا بإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وحج البيت وصوم رمضان، ثم جاء البيان عن رسوله بمقادير ذلك وصفاته وشروطه، فوجب على الأمة قبوله، إذ هو تفصيل لما أمر الله به، كما يجب علينا قبول الأصل المفصل، وهكذا أمر الله سبحانه بطاعته وطاعة رسوله، فإذا أمر الرسول بأمر، كان تفصيلًا وبيانا للطاعة المأمور بها، وكان فرض قبوله كفرض قبول الأصل المفصل، ولا فرق بينهما، والبيان من النبي على أقسام:

أحدها: بيان نفس الوحي بظهوره على لسانه بعد أن كان خفيًا.

الثاني: بيان معناه وتفسيره لمن احتاج إلى ذلك، كما بين أن الظلم المذكور في قوله (ولم يلبسوا إيمانهم بظلم) (الأنعام: ٨٢) هو الشرك، وأن الحساب اليسير هو العرض، وأن الخيط الأبيض والأسود هما بياض الليل وسواد النهار.

الثالث: بيانه بالفعل كما بين أوقات الصلاة للسائل بفعله.

الرابع: بيان ما سئل عنه من الأحكام التي ليست في القرآن فنزل


(١) إعلام الموقعين (٢/ ٣٠٧، ٣٠٨).

<<  <   >  >>