للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بسياج من الحماية منقطع النظير، وقد اتبع الصحابة في ذلك كل سبيلي حفظ للسنة نورها وصفاءها، وكان من ذلك التحري والتثبت في روايتها خشية الوقوع في الخطأ وخوفًا من أن يتسرب إليها التصحيف والتحريف، بل إن بعضهم فضل الإقلال من الرواية.

قال ابن قتيبة (١): "كان عمر شديد الإنكار على من أكثر الرواية أو أتى بخبر الحكم لا شاهد له عليه، وكان يأمرهم بأن يقلوا من الرواية يريد بذلك أن لا يتسمع الناس فيها ويدخلها الشوب ويقع التدليس والكذب من المنافق والفاجر والأعرابي، وكان كثير من جلة الصحابة وأهل الخاصة برسول الله ؛ كأبي بكر والزبير (٢) وأبي عبيدة (٣) والعباس بن عبد المطلب يقلون الرواية عنه بل كان بعضهم لا يكاد يروي شيئًا كسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل (٤) وهو أحد العشرة المشهود لهم بالجنة" (٥).

ولقد تبعهم من بعدهم من التابعين ومن بعدهم على ذلك.


(١) عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري: صاحب التصانيف، صدوق قليل الرواية، توفي سنة (٢٧٦ هـ). لسان الميزان (٣/ ٣٥٧ - ٣٥٩).
(٢) الزبير بن العوام: من أول من أسلم بمكة، كان يسميه رسول الله "حواريه" لمحبته له، وهو أحد العشرة المشهود لهم بالجنة، قتل سنة (٣٦ هـ)، الإصابة (١/ ٥٢٦ - ٥٢٨).
(٣) أبو عبيدة عامر بن عبد الله الجراح: أمين هذه الأمة، وأحد العشرة السابقين إلى الإسلام، هاجر الهجرتين وشهد بدرًا وما بعدها، توفي سنة (١٨ هـ) الإصابة (٢/ ٢٤٣ - ٢٤٥).
(٤) سعيد بن زيد بن عمرو بن نقيل: أسلم قبل دخول رسول الله دار الأرقم، شهد أحدًا والمشاهد بعدها وكان من فضلاء الصحابة، وأحد العشرة المشهود لهم بالجنة، توفي بالمدينة سنة خمسين، وقيل بعد ذلك. الإصابة (٢/ ٤٤).
(٥) كتاب تأويل مختلف الحديث، لابن قتيبة الدينوري (ص ٣٠).

<<  <   >  >>