للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نفعني الله بما شاء منه، وإذا حدثني عنه غيري استحلفته فإذا حلف لي صدقته … ) (١).

وهذا التثبت من الصحابة رضوان الله عليهم كان الحامل لهم عليه هو ألا يسترسل الناس في رواية الحديث ويتساهلوا فيه من غير تحر وتثبت كاف فيقعوا في الكذب على رسول الله من حيث شعروا أو لم يشعروا، ويدلك على ذلك قول عمر بن الخطاب لأبي موسى الأشعري: "أما إني لم أتهمك ولكن خشيت أن يتقول الناس على رسول الله .

وهذه الشواهد عن ثلاثة من الخلفاء الراشدين تترجم حرصهم وجهودهم في المحافظة على السنة بأن لا يشوبها ما ليس منها.

وقد تتابعت الجهود من الصحابة ومن جاء بعدهم على حفظ السنة وحمايتها إلى أن قعدت القواعد ووضعت الضوابط التي يعرف بها قوة الحديث أو وهنه، وكان من تلك الضوابط علم إسناد الحديث فقد اعتني بهذا الجانب منذ وقت مبكر، واهتم به العلماء حتى جعلوه من الدين، قال عبد الله بن المبارك (٢): "الإسناد من الدين، لولا الإسناد لقال من شاء ما شاء وقال: "بيننا وبين القوم قوائم يعني: الإسناد (٣).

ولقد اشتغل علماء الحديث بنقد الرواة وبيان حالهم ومن تقبل روايته ومن لا تقبل من خلال دراسة الراوي سيرة وتاريخًا ومعتقدًا وسلوكًا، ولم تأخذهم في ذلك لومة لائم، وقد قيل ليحيى بن سعيد القطان (٤): "أما تخشى أن يكون هؤلاء الذين تركت حديثهم خصماءك


(١) أخرجه أحمد في مسنده (١/ ٢)، وأخرجه ابن ماجه في سننه، كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في أن الصلاة كفارة (١/ ٤٤٦) (ح ١٣٩٥).
(٢) عبد الله بن المبارك المروزي: الإمام الحافظ، شيخ الإسلام، كان ثقة، مأمونًا، حجة، كثير الحديث، مات سنة (١٨١ هـ)، تهذيب التهذيب (٥/ ٣٨٢ - ٣٨٩).
(٣) السنة ومكانتها في التشريع الإسلامي للدكتور مصطفى السباعي (ص ٩٢).
(٤) يحيى بن سعيد بن فروخ القطان: من حفاظ الحديث، ثقة حجة من أقران =

<<  <   >  >>