للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ كُبِتُوا كَمَا كُبِتَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَقَدْ أَنْزَلْنَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ (٥)[المجادلة].

وقال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ فِي الْأَذَلِّينَ (٢٠)[المجادلة].

وإن المتأمل في هذه الآيات يرى ما تضمنته من الوعيد الشديد والعقاب الأليم لمن خالف منهج الرسول وطريقته وشرعه وحاد عن كل ما جاء به، فقوله تعالى: ﴿فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (٦٣)[النور]، تحمل هذه الآية الوعيد الشديد لمن خالف أمر رسول الله وشريعته، ومعناها: "أي: فليحذر وليخش من خالف شريعة الرسول باطنًا وظاهرًا"، ﴿أن تصيبهم فتنة﴾، أي: في قلوبهم من كفر أو نفاق أو بدعة ﴿أو يصيبهم عذاب أليم﴾ في الدنيا بقتل أو حد أو حبس أو نحو ذلك (١).

هذا من جهة العقوبة الدنيوية كما فسر ابن كثير الآية بذلك.

أما على صعيد العقوبة الأخروية، فاقرأ الآية الأخرى وهي قوله تعالى: ﴿وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ (١٤)[النساء]، وعلى هذا فإن المخالف متوعد بالعقوبتين الدنيوية والأخروية، إضافة إلى وصفه بالضلال البين الواضح بقوله تعالى: ﴿وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا﴾ [الأحزاب]، وفي هذا الوصف والجزاء للمخالف حكم بخروجه عن دائرة الإيمان.

كما أن كل من أعرض عن حكم الرسول ولم ينقد له ولم يرض به إلا إذا كان موافقًا لهواه فهو محكوم عليه بالنفاق بنص القرآن الكريم.


(١) تفسير ابن كثير (٣/ ٣٠٧).

<<  <   >  >>