تكذيبه وإبطاله بكل طريق، ولكن مع هذا كله فقد عجزوا عن ذلك.
ولقد أخبر الله بعجزهم عند تحديه إياهم بالإتيان بسورة من مثله فقال تعالى: ﴿فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ﴾.
ولما عجزوا عن الإتيان بما تحدَّاهم به قطع الله طمعهم على أن يأتوا بمثله فقال تعالى: ﴿قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الإنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا﴾.
وبعد مرحلة قطع الطمع أنزل الله فواتح السور كـ ﴿الم، الر، المر﴾ وغيرها تقريعا وتوبيخًا للكفار، مخبرا لهم أن ما تحداهم به مكون من حروف هي حروف العربية التي يتحدثون بها والتي بلغوا ذروتها فهم أفصح العرب، والقرآن نزل بلغة العرب، ولقد جرت سنة الله بأن يعطي كل رسول من المعجزات ما يناسب ما اشتهر به قومه، فلقد أعطى موسى العصا لاشتهار من أرسل إليهم بالسحر وما يتعلق به، وأعطى عيسى معجزة إحياء الموتى وإبراء الأكمه والأبرص والأعمى لاشتهار قومه بالطب وهكذا، فأعطى نبينا محمدا ﷺ القرآن لما اشتهرت به قريش من الفصاحة والبيان.
فهذا ما كان من أمر التحدي الذي تحدى الله به أهل مكة وغيرهم من العرب الذين نزل القرآن بلغتهم، وسأعرض لذكر بعض جوانب هذا الإعجاز القرآني الذي عجز الكفار أن يأتوا بمثل هذا القرآن من جهتها وهى ما يلي:
أولا: تحدَّاهم بفصاحة القرآن وعلو أسلوبه، وأحكامه، ودقة تعبيره، ولذا تكلف بعض سفهاء الأحلام منهم أن يأتوا بسور خيل لهم أنها على نمطه وشاكلته، فأضحكوا على أنفسهم العقلاء، وأما ذووا العقل والرأي منهم فأسلموا أنفسهم إلى العجز وأيقنوا من قرارة نفوسهم