للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

للناس (١) جميعًا. قال صاحب اللسان: "الناس قد يكون من الإنس ومن الجن" (٢).

فلفظ الناس يطلق على الجن والإنس كما في قوله تعالى: ﴿الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ، مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ﴾ فسمى الله الجن في هذا الموضع ناسا كما سماهم في موضع آخر رجالا، فقال: ﴿وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ﴾ فجعل الجن رجالا وكذلك جعل منهم ناسا (٣). وهناك رأي آخر يقول إن لفظ الناس دخل فيه الجن تغليبا (٤).

والذي أراه أن الآيات تفسر بالمعنى الشامل للإنس والجن إذ لا مخصص للعموم هنا.

وكنموذج لتفسير ما أوردته من آيات في هذا الشأن أذكر ما قاله بعض علماء التفسير في بيان قوله تعالى: ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا﴾، قال أبو جعفر الطبري (٥) في تفسيرها: "قل يا محمد للناس كلهم ﴿إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا﴾ لا إلى بعضكم دون بعض، كما كان من قبلي من الرسل مرسلًا إلى


(١) لفظ "الناس" فيه وجهان: أحدهما: أن يكون جمعًا لا واحد له من لفظه وإنما واحده "إنسان" وواحدته "إنسانة"، والوجه الآخر: أن يكون أصله "أناس" أسقطت الهمزة منها لكثرة الكلام بها تخفيفا، ثم أدخلت الألف واللام المعرفتان، فأدغمت اللام التي دخلت مع الألف فيها للتعريف في النون. انظر: تفسير الطبري (١/ ١١٦).
(٢) لسان العرب (٦/ ٢٤٤) مادة نوس.
(٣) تفسير الطبري (٣٠/ ٣٥٦).
(٤) تفسير ابن كثير (٤/ ٥٧٥).
(٥) هو محمد بن جرير الطبري: المؤرخ المفسر الإمام، كان مولده سنة أربع وعشرين ومائتين، روى الكثير عن الجم الغفير، صنف التاريخ الحافل، وله التفسير الكامل الذي لا يوجد له نظير توفي سنة ٣١٠ هـ. البداية (١/ ١٤٥ - ١٤٧).

<<  <   >  >>