قال: قمت إليه لأفعل ما قلت لكم، فلما دنوت منه عرض لي فحل من الإبل، والله ما رأيت مثله قط، هم بي أن يأكلني، فلما ذُكر ذلك لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:((ذاك جبريل ولو دنا منه لأخذه)).
وكان أبو جهل كثيرًا ما ينهى الرسول -صلى الله عليه وسلم- عن صلاته عند البيت، فقال له مرة بعد أن رآه يصلي: ألم أنهك عن هذا، فأغلظ له رسول الله -صلى الله عليه وسلم- القول وهدده، فقال: أتهددني وأنا أكثر أهل الوادي ناديًا، فأنزل الله تهديدًا له في آخر سورة اقرأ:{كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ * نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ * فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ * سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ * كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ}(العلق: ١٥ - ١٩).
ومن أذيته للرسول -صلى الله عليه وسلم- ما حكاه عبد الله بن مسعود من رواية البخاري قال:((كنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في المسجد وهو يصلي، فقال أبو جهل: ألا رجل يقوم إلى فرث جزور بني فلان فيلقه على محمد وهو ساجد، فقام عقبة بن أبي معيط بن أبي عمرو بن أمية بن عبد شمس، وجاء بذلك الفرث فألقاه على النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو ساجد، فلم يقدر أحد من المسلمين -الذين كانوا بالمسجد- على إلقائه عنه؛ لضعفهم عن مقاومة عدوهم، ولم يزل -عليه الصلاة والسلام- ساجدًا حتى جاءت فاطمة بنته فأخذت القذر ورمته، فلما قام دعا على من صنع هذا الصنع القبيح فقال: اللهم عليك بالملأ من قريش، وسمى أقوامًا. قال ابن مسعود: فرأيتهم قتلوا يوم بدر)).
ومما حصل لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- مع أبي جهل ((أن هذا ابتاع أجمالًا من رجل يقال له الأراشي، فمطله بأثمانها، فجاء الرجل مجمع قريش يريد منهم مساعدته على أخذ ماله، فدلوه على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لينصفه من أبي جهل؛ استهزاء مما يعلمونه من أفعال ذلك الشقي بالرسول -صلى الله عليه وسلم- فتوجه الرجل إليه وطلب منه المساعدة على أبي جهل، فخرج معه حتى ضرب عليه بابه، فقال: من هذا؟ قال: محمد،