للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فخرج ممتقعًا لونه، فقال له الرسول -صلى الله عليه وسلم: أعط هذا حقه، فقال أبو جهل: لا تبرح حتى تأخذه، فلم يبرح الرجل حتى أخذ دينه، فقالت قريش: ويلك يا أبا الحكم! ما رأينا مثل ما صنعت. قال: ويْحكم، والله ما هو إلا أن ضرب عليَّ بابي، حتى سمعت صوته فملئت منه رعبًا، حتى خرجت إليه وإن فوق رأسي فحلًا من الإبل ما رأيت مثله قط، لو أبيت أو تأخرت لأكلني)).

ومن المستهزئين عقبة بن أبي معيط، كان الجار الثاني لرسول الله -صلى الله عليه وسلم، وكان يعمل معه كأبي لهب، صنع مرة وليمة ودعا لها كبراء قريش وفيهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال عليه الصلاة والسلام: ((والله لا آكل طعامك حتى تؤمن بالله فتشهد، فبلغ ذلك أبي بن خلف وكان صديقًا له فقال: ما شيء بلغني عنك؟ قال: لا شيء، دخل منزلي رجل شريف فأبى أن يأكل طعامي حتى أشهد له، فاستحييت أن يخرج من بيتي ولم يطعم، فشهدت له، قال أبي: وجهي من وجهك حرام إن لقيت محمدًا فلم تطأ عنقه، وتبصق في وجهه، وتلطم عينه، فلما رأى عقبة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فعل به ذلك)) فأنزل الله فيه سورة الفرقان: {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا * يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا} (الفرقان: ٢٧ - ٢٩).

ومن أشد ما صنعه ذلك الشقي برسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما رواه البخاري في صحيحه قال: "بينما النبي يصلي في حجر الكعبة، إذ أقبل عقبة بن أبي معيط فوضع ثوبه في عنق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فخنقه خنقًا شديدًا، فأقبل أبو بكر حتى أخذ بمنكبه، ودفعه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وقال: أتقتلون رجلًا أن يقول ربي الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم؟! ".

ومن جماعة المستهزئين: العاص بن وائل السهمي القرشي، والد عمرو بن العاص، كان شديد العداوة لرسول الله -صلى الله عليه وسلم، وكان يقول: "غَرَّ محمد أصحابه أن

<<  <   >  >>