يستميل الأنظار بإشارته أو حركته أو زيه أو وقفته دون أن ينطق؛ فليس بخطيب؛ ولأن البائس العاري الجسد المهلهل الثوب المغضن الوجه المعروق الجسد، قد يستميل المحسن بمنظره هذا، وما هو بخطيب.
قيمتها:
الخطابة منذ كانت سلاح المجتمع الإنساني في سلمه وحربه، وفي ترقيته والإسراع به نحو المثل الأعلى الذي يجب أن يقصد إليه؛ فليس بدعًا أن كانت بلاغ النبيين إلى أممهم، والراح الذي يسكبه القواد في نفوس جنودهم قبيل المعركة؛ فيسرعون باسمين إلى قتال أعدائهم، وغصن الزيتون يلوح به دعاة السلام في عالم كربه العداء والخصام، والقوة الساحرة التي يقود بها الزعماء السياسيون والمصلحون الاجتماعيون أممَهم إلى حياة أرقى وأعز وأبقى، ولسان الأحزاب السياسية تنشر به دعوتها وتظفر به على خصومها، ونورًا يهدي القضاة إلى العدالة وتبرئة المظلوم والقصاص من الباغي، ثم هي -في العصر الحديث خاصة- عدة الزعماء والساسة؛ تستند إليها الديمقراطية وتعتمد عليها الدكتاتورية، ويتسلح بها المؤتمرون في المجامع الدولية، ويصعد عليها النواب إلى قمة الشهرة وذيوع الأحدوثة، ويرتقي بها المحامون إلى الصيت الطائر والثراء الغامر.
تاريخ الخطابة:
لقد نشأت الخطابة منذ وجد الاجتماع البشري على وجه الأرض، منذ اجتمع الناس في مكان واحد، استوطنوه وتفهموا بلسان واحد عرفوا الخطابة؛ لأنه من الطبيعي أن يختلفوا في رأي أو عقيدة، ومن الطبيعي أن يتنافسوا على غنيمة أو متاع أو سلطة؛ فيحاول المتفوق أن يستميل إليه من يخالفونه، وأن يقنعهم؛ فإذا