والخطبة -كما هو واضح من كلماتها- تهوِّن من شأن الدنيا، وتذكر الناس بأنهم عنها راحلون.
د- الوصايا:
قد يشعر صاحب المكانة العالية والمنزلة الرفيعة في أهله وعشيرته بدنو أجله وقرب رحيله؛ فيلقي على سمع أحبابه وأنصاره ما ينبغي أن يكونوا عليه في حياتهم من بعده؛ كوصية ذي الأصبع العدواني لابنه والتي قال فيها:
"يا بني، إن أباك قد فني وهو حي، وعاش حتى سأم العيش؛ وإني موصيك بما إن حفظته بلغت في قومك ما بلغته؛ فاحفظ عني؛ ألِن جانبك لقومك يحبوك؛ وتواضع لهم يرفعوك؛ وابسط لهم وجهك يطيعوك؛ ولا تستأثر عليهم بشيء يودوك؛ وأكرم صغارهم كما تكرم كبارهم؛ يكرمك كبارهم ويكبر على مودتك صغارهم، واسمح بمالك، واحمِ حريمك، وأعزز جارك، وأعِنْ من استعان بك، وأكرم ضيفك، وأسرع النهضة في الصريخ؛ فإن لك أجلًا لا يعدوك؛ وصن وجهك عن مسألة أحد شيئًا فبذلك يتم سؤددك.
ومن ذلك أيضًا: وصية أكثم بن صيفى لبنيه، والتي جاء فيها:
يا بني تميم، الصبر على جرع الحلم أعذب من جني ثمر الندامة، ومن جعل عرضه دون ماله استهدف للذنب، كلم اللسان أنكى من كلم السنان، والكلمة مرهونة ما لم تنجم من الفم؛ فإذا نجمت فهي أسد محرب، أو نار تلهب، ورأي الناصح اللبيب دليل لا يجوز ونفاذ الرأي في الحرب أجدى من الطعن والضرب.
هـ- خطب الزواج:
فقد كان من العادات المتأصلة فيهم أن يقوم ولي الزوج بخطبة يبين فيها مزايا وخصال الخير في الزوج، ورغبته في الزوجة وقبوله لها.