للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من ذلك: خطبة أبي طالب في زواج النبي -صلى الله عليه وسلم- من السيدة خديجة بنت خويلد -رضي الله عنها- والتي قال فيها:

الحمد لله الذي جعلنا من ذرية إبراهيم وزرع إسماعيل، وجعل لنا بلدًا حرامًا وبيتًا محجوجًا، وجعلنا الحكام على الناس، ثم إن محمدَ بنَ عبدِ اللهِ بنَ أخي مَن لا يُوازَنُ به فتًى مِن قُريشٍ إلا رَجَحَ عليه؛ برًِّا، وفَضْلًا، وكَرَمًا، وعَقْلًا، ومَجْدًا، ونُبلًا، وإن كان في المال قَلَّ؛ فإنما المال ظل زائل وعارية مسترجعة، وله في خديجة بنت خويلد رغبةٌ ولها فيه مثلُ ذلك، وما أحببتم من الصداق فعليه.

والدعوة إلى الوحدة ونبذ الخلافات:

وهذا من أعظم وأنبل الأغراض التي اهتم بها الخطباء العرب في العصر الجاهلي؛ حيث كانوا يدعون في بعض خطبهم إلى جمع الشمل وإزالة أسباب الفرقة؛ لأن فيها الضعف والضياع وذهاب الريح، وكانوا يتخذون من الأسواق وغيرها مكانًا للالتقاء بالجموع الغفيرة من الناس؛ ليعم النفع وينتشر الحب والسلام، ومن الذين فعلوا ذلك عبد المطلب جد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أمام سيف بن ذي يزن، عندما ذهب إليه وفد من قريش بعد أن أجلى الحبشة عن بلاد العرب.

وجاء في كتاب (الأدب العربي وتاريخه في العصر الجاهلي): أن الوصايا من الخطب؛ وإنما تكون من حكيم لقومه، أو من سيد لعشيرته، أو أَب لبنيه، أو من أم لابنتها، ويغلب أن يكون ذلك عند الإحساس بالأجل أو العزم على الرحلة:

فمن ذلك: وصية النعمان بن ثواب العبدي، قال في (مجمع الأمثال): وكان رجلًا يوصي بنيه ويحملهم على أدبه؛ فأوصى أحدهم -وكان صاحب حرب- قال: "يا بني، إن الصارم ينبو والجواد يكبو والأثر يعفو؛ فإذا شهدت حربًا

<<  <   >  >>