للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فرأيتَ نارها تسعر وبطلها يخطُر وبحرها يزخر وضعيفها ينصر وجبانها يجسر؛ فأقلل المكث والانتظار؛ فإن الفرار غير عار إذا لم تكن طالب ثار".

ومنها: ما قالته امرأة عوف بن محلم الشيباني، وكان عمرو بن جحل جد امرئ القيس الشاعر قد خطبها إلى أبيها فزوجها منه؛ فلما كان بناؤه بها أوصتها أمها وصية لم تدع شيئًا من تأديب المرأة وكفايتها إلا وعته فيها، قالت:

"أي بنية، إنك فارقت بيتك الذي منه خرجت، وعشكَ الذي فيه درجت إلى رجل لم تعرفيه، وقرين لم تألفيه؛ فكوني له أمةً يكن لك عبدًا، واحفظي له خصالًا عشرًا يكن لك ذخرًا:

أما الأولى والثانية: فالخشوع له بالقناعة وحسن السمع له والطاعة، وأما الثالثة والرابعة: فالتفقد لموضع عينيه وأنفه؛ فلا تقع عينُه منك على قبيح ولا يشم منك إلا أطيبَ ريح؛ وأما الخامسة والسادسة: فالتفقد لوقت منامه وطعامه؛ فإن تواتر الجوع ملهبة، وتنغيص النوم مغضبة، أما السابعة والثامنة: فالاحتراس بماله والإرعاء على حَشمه وعياله، وملاك الأمر في المال حسن التقدير، وفي العيال حسن التدبير، وأما التاسعة والعاشرة: فلا تعصين له أمرًا ولا تفشين له سرًّا؛ فإنك إن عصيت أمره أوغرت صدره؛ وإن أفشيت سره لم تأمني غدره، ثم إياك والفرحَ بين يديه إذا كان مهتمًّا والكآبة بين يديه إذا كان فرحًا".

المنافرة:

ومن النثر المأثور عن أهل هذا العصر ما كان يقع أولًا على جهة المحاورة بين رجلين، ثم يتورط أحدهما أو كلاهما؛ فينزع بهما الجدل إلى المنافرة: وهي التحاكم إلى الأشراف من حكام العرب؛ ليفصلوا بينهما ويقضي الحَكَم لأحدهما أو يسوي بينهما:

<<  <   >  >>