وقد روي عن عائشة -رضي الله عنها- في صفة منطق الرسول قولها:((ما كان رسول الله يسرد كسردكم هذا، ولكن كان يتكلم بكلام بيِّن فَصْل، يحفظه من جلس إليه)). وقد جاء في وصف أم معبد لمنطق الرسول -صلى الله عليه وسلم- ما يشبه وصف عائشة قالت:((إن صَمت فعليه الوقار، وإن تكلم سما وعلاه البهاء، حلو المنطق، فصل لا نزر ولا هزر، كأن منطقه خرزات نظم يتحررن)). وفي وصف هند بن أبي هالة لمنطق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأحواله ما يؤكد كل ما سبق، وكان هند وصافًا لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:((كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- متواصل الأحزان دائم الفكرة، ليست له راحة ولا يتكلم في غير حاجة، طويل السكوت، يفتتح الكلام ويختتمه بأشداقه، ويتكلم بجوامع الكلم، فصلًا لا فضول فيه ولا تقصير)).
ومن حديث عمر -رضي الله عنه:((كان -صلى الله عليه وسلم- أوجز الناس كلامًا، وبذلك جاءه جبريل، وكان مع الإيجاز يجمع كل ما أراد)). وقد وُصف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بأنه كان جهير الصوت، أحسن الناس نغمة. ومن قول البراء -رضي الله عنه:((ما سمعت أحدًا أحسن صوتًا منه)) وروي عن قتادة -رحمه الله- قوله:((ما بعث الله نبيًّا إلا حسن الوجه حسن الصوت)).
ب- أثر الرسول -صلى الله عليه وسلم- في الخطابة:
وَصف البلغاء لبلاغة الرسول -صلى الله عليه وسلم-:
للجاحظ وصف طويل لكلام الرسول -صلى الله عليه وسلم- ومما جاء فيه: "هو الكلام الذي قل عدد حروفه، وكثر عدد معانيه، وجل عن الصنعة ونُزِّه عن التكلف، واستعمل المبسوط في جانب البسط، والمقصور في جانب القصر، وهجر الغريب الحوشي ورغب عن الهجين السوقي، ولا يلتمس إسكات الخصم إلا بما يعرفه الخصم،