ولا يَحتج إلا بالصدق ولا يطلب الفلج إلا بالحق، ولا يستعين بالخلابة ولا يبطئ ولا يعجل".
وقال الزمخشري: "هذا اللسان العربي كأن الله مخضه، وألقى زبدته على لسان النبي -صلى الله عليه وسلم- فما من خطيب يقاومه إلا نكص متفكك الرحل، وما من مصقع يناهزه إلا رجع فارغ السجل".
وقال القاضي عياض في كتابه (الشفا): "وأما فصاحة اللسان وبلاغة القول فقد كان -صلى الله عليه وسلم- بالمحل الأفضل والموضع الذي لا يجهل، سلاسة طبع، وبراعة منزع، وإيجاز مقطع، ونصاعة لفظ، وجزالة قَول، وصحة معان، وقلة تكلف، أوتي جوامع الكلم وخص ببدائع الحكم، وعلم ألسنة العرب، يخاطب كل أمة منها بلسانها، ويحاورها بلغتها ويباريها في منزع بلاغتها، حتى كان كثير من أصحابه يسألونه في غير موطن عن شرح كلامه وتفسير قوله، مَن تأمل حديثه وسبره علم ذلك وتحققه".
يقول الرافعي: "إن أسلوب النبي -صلى الله عليه وسلم- أسلوب منفرد في هذه اللغة، قد بان من غيره بأسباب طبيعية فيه، وإنك لا ترى فيه حرفًا مضطربًا، ولا لفظة مستكرهة على معناها، ولا كلمة غيرها أتم منها أداء للمعنى، وأن جهات الصنعة في الكلام من اللغة والبيان والحكمة، قد سلمت للنبي -صلى الله عليه وسلم- على أتمها، ولم تسلم لبليغ غيره قط، واللغة في النبي فطرية، والبيان بيان أفصح الناس نشأة وأقواهم من الذكاء والإلهام، وأما الحكمة فتلك حكمة النبوة وتبصير الوحي، وتأديب الله تعالى".