المصطفى -صلى الله عليه وسلم-: ((عجبًا للمؤمن؛ إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن: إن أصابته سراء شكر فكان خيرًا له؛ وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرًا له)).
فالمؤمن من ينظر إلى المصيبة فيعلم أنها قدر الله فيطمئن ويرضى؛ فيكون أكثر أدبًا من أن يعترض على مولاه وخالقه، وينظر إلى عاقبة المصيبة ومآلها من الثواب فيرضى ويصبر، وفي الصحيحين عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال:((أشد الناس بلاء الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل؛ يبتلى الرجل على حسب دينه؛ فإن كان في دينه صلابة ابتلي على قدر ذلك؛ وإن كان فيه رقة هوِّن عليه؛ فما يزال البلاء بالرجل حتى يدعه يمشي على الأرض وليس عليه خطيئة)).
وهذا علقمة -رحمه الله- يفسر قوله تعالى:{مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ} فيقول: هو الرجل تصيبه المصيبة؛ فيعلم أنها من عند الله فيرضى ويسلِّم، وقال ابن عباس -رضي الله عنهما-: يهدي قلبه اليقين؛ فيعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه.
ولقد ارتفعت نفوس الصحابة -رضوان الله عليهم- في ظلال هذا التصور الإيماني وسمت أرواحهم وأرهفت ضمائرهم حتى استوت في نظرهم السراء والضراء، وتماثل لديهم الشكر والصبر كما يقول عمر -رضي الله عنه-: "لو كان الصبر والشكر بعيرين ما باليت أيهما أركب".
ويقول أبو محمد الحريري: الصبر: ألا يفرق بين النعمة والمحنة مع سكون الخاطر فيهما؛ فقد سئل الإمام أحمد عن الرجل يكون معه مائة ألف دينار؛ هل يكون زاهدًا؟ قال: نعم، بشرط ألا يفرح إذا زادت، ولا يحزن إذا نقصت، وقال بعض السلف: الزاهد: من لا يغلب الحلال شكره ولا الحرامَ صبره.