للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولأنه الوقت الذي كان -صلى الله عليه وسلم- يصليها فيه في أكثر أوقاته، والأَولى فعلها عقب الزوال صيفًا وشتاء، وصحح بعض الحنابلة أنه لا يدخل وقتها إلا في الساعة السادسة من النهار، وقال: ولنا على جوازها في الساعة السادسة السنة والإجماع؛ أما السنة فما روى جابر بن عبد الله قال: ((كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي الجمعة، ثم نذهب إلى جمالنا فنريحها حين تزول الشمس)) أخرجه مسلم. وعن سهل بن سعد قال: ((ما كنا نقيل ولا نتغدى إلا بعد الجمعة في عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم)) متفق عليه.

قال ابن قتيبة: "لا يسمى غداء ولا قائلة بعد الزوال". وقال سلمة: ((كنا نصلي مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الجمعة، ثم ننصرف وليس للحيطان فيء)) أي: ليس لها ظل ممتد يستظل به، رواه أبو داود.

وخطبة الجمعة لها شروط، وشروط صحة الجمعة عند الأئمة الأربعة والجمهور لقوله تعالى: {فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} (الجمعة: ٩) والذكر هو الخطبة لاشتمالها عليه أمر بالسعي إليه، فيكون واجبًا؛ لأنه لا يجب السعي لغير الواجب، ولمواظبته -صلى الله عليه وسلم- على الخطبة. قال ابن عمر: ((كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يخطب خطبتين، كان يجلس إذا صعد المنبر حتى يفرغ المؤذن، ثم يقوم فيخطب ثم يجلس فلا يتكلم ثم يقوم فيخطب)) أخرجه السبعة إلا ابن ماجه، وهذا لفظ أبي داود.

ولم يرد أنه -عليه الصلاة والسلام- أو أحد من الخلفاء الراشدين فمن بعدهم، صلى الجمعة بدون خطبة، فهي من جملة الخصوصيات التي لم يرد إسقاط الركعتين إلا مع مراعتها، فكانت شرطًا.

ويشترط عند المالكية والشافعية خطبتان، وهو مشهور مذهب الحنبلية، ومنه قوله -صلى الله عليه وسلم: ((صلوا كما رأيتموني أصلي)) ولم يثبت أنه -صلى الله عليه وسلم- صلى الجمعة بدون

<<  <   >  >>