وأما الكسوة فأحبها البياض من الثياب؛ إذ أحب الثياب إلى الله تعالى البيض، ولا يلبس ما فيه شهره، ولبس السواد ليس من السنة ولا فيه فضل، بل كره جماعة النظر إليه؛ لأنها بدعة محدثة بعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم، والعمامة مستحبة في هذا اليوم.
الرابع: البكور إلى الجامع، ويستحب أن يقصد الجامع من فرسخين وثلاث وليبكر، ويدخل وقت البكور بطلوع الفجر، وفضل البكور عظيم، وينبغي أن يكون في سعيه إلى الجمعة خاشعًا متواضعًا، ناويًا للاعتكاف في المسجد إلى وقت الصلاة، قاصدًا للمبادرة إلى جواب نداء الله -عز وجل- إلى الجمعة إياه، والمسارعة إلى مغفرته ورضوانه، وقد قال -صلى الله عليه وسلم-: ((من راح إلى الجمعة في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنة، ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة، ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشًا أقرن، ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما أهدى دجاجة، ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما أهدى بيضة، فإذا خرج الإمام طويت الصحف ورفعت الأقلام، واجتمعت الملائكة عند المنبر يستمعون الذكر، فمن جاء بعد ذلك فإنما جاء لحق الصلاة، ليس له من الفضل شيء)).
والساعة الأولى إلى طلوع الشمس، والثانية إلى ارتفاعها، والثالثة إلى انبساطها حين ترمد الأقدام، والرابعة والخامسة بعد الضحى الأعلى إلى الزوال، وفضلها قليل، ووقت الزوال حق الصلاة ولا فضل فيه، وقال -صلى الله عليه وسلم-: ((ثلاث لو يعلم الناس ما فيهن لركضوا ركض الإبل في طلبهن: الأذان والصف الأول والغدو إلى الجمعة)). وقال أحمد بن حنبل -رضي الله عنه-: "أفضلهن الغدو إلى الجمعة". وفي الخبر: إذا كان يوم الجمعة قعدت الملائكة على أبواب المساجد، بأيديهم صحف من فضة وأقلام من ذهب، يكتبون الأول فالأول على مراتبهم، وجاء في الخبر: إن الملائكة يتفقدون الرجل إذا تأخر عن وقته يوم الجمعة، فيسأل بعضهم بعضًا