عنه ما فعل فلان؟ وما الذي أخره عن وقته؟ فيقولون: اللهم إن كان أخره فقر فأغنه، وإن كان أخره مرض فاشفه، وإن كان أخره شغل ففرغه لعبادتك، وإن كان أخره لهْو فأقبل بقلبه إلى طاعتك.
وكان يُرى في القرن الأول سحرًا وبعد الفجر الطرقات مملوءة من الناس، يمشون في السرج ويزدحمون بها إلى الجامع كأيام العيد، حتى اندرس ذلك فقيل: أول بدعة حدثت في الإسلام ترك البكور إلى الجامع، وكيف لا يستحي المسلمون من اليهود والنصارى، وهم يبكرون إلى البِيع والكنائس يوم السبت والأحد، وطلاب الدنيا كيف يبكرون إلى رحاب الأسواق للبيع والشراء والربح، فلم لا يسابقهم طلاب الآخرة. ويقال: إن الناس يكونون في قربهم عند النظر إلى وجه الله -سبحانه وتعالى- على قدر بكورهم إلى الجمعة، ودخل ابن مسعود -رضي الله عنه- بكرة الجامع فرأى ثلاثة نفر قد سبقوه بالبكور، فاغتم لذلك وجعل يقول في نفسه معاتبًا لها: رابع أربعة وأنا رابع أربعة من البكور ببعيد.
الخامس: في هيئة الدخول، ينبغي ألا يتخطى رقاب الناس، ولا يمر بين أيديهم، والبكور يسهل ذلك عليه، فقد ورد وعيد شديد في تخطي الرقاب، وهو أنه يُجعل جسرًا يوم القيامة يتخطاه الناس. وروى ابن جريج مرسلًا أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بينما هو يخطب يوم الجمعة إذ رأى رجلًا يتخطى رقاب الناس، حتى تقدم فجلس، فلما قضى النبي -صلى الله عليه وسلم- صلاته عارض الرجل حتى لقيه فقال:"يا فلان، ما منعك أن تجمع اليوم معنا؟ قال: يا نبي الله، قد جمعت معكم، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم: ألم نرك تتخطى رقاب الناس؟! أشار به إلى أنه أحبط عمله.
وفي حديث مسند أنه قال: ما منعك أن تصلي معنا؟ قال: أولم ترني يا رسول الله؟ فقال -صلى الله عليه وسلم-: رأيتك تأنيت وآذيت، أي تأخرت عن البكور وآذيت الحضور".