ومهما كان الصف الأول متروكًا خاليًا فله أن يتخطى رقاب الناس، لأنهم ضيعوا حقهم وتركوا موضع الفضيلة. قال الحسن:"تخطوا رقاب الناس الذين يقعدون على أبواب الجوامع يوم الجمعة، فإنه لا حرمة لهم".
السادس: ألا يمر بين يدي الناس، ويجلس حيث هو إلى قرب أسطوانة أو حائط؛ حتى لا يمرون بين يديه -أعني بين يدي المصلي- فإن ذلك لا يقطع الصلاة ولكنه منهي عنه، قال -صلى الله عليه وسلم-: ((لأن يقف أربعين عامًا خير له من أن يمر بين يدي المصلي)) وقال -صلى الله عليه وسلم-: ((لأن يكون الرجل رمادًا أو رميمًا تذروه الرياح خير من أن يمر بين يدي المصلي)).
وقد روى في حديث آخر في المار والمصلي، حيث صلى على الطريق أو قصر في الدفع، فقال:((لو يعلم المار بين يدي المصلي والمصلَّى ما عليهما في ذلك، لكان أن يقف أربعين سنة خيرًا له من أن يمر بين يديه)). والأسطوانة: الحائط، والمصلى: المفروش حد للمصلي، فمن اجتاز به فينبغي أن يدفعه. قال -صلى الله عليه وسلم-: ((ليدفعه، فإن أبى فليدفعه، فإن أبى فليقاتله فإنه شيطان)). وكان أبو سعيد الخدري -رضي الله عنه- يدفع أن يمر بين يديه حتى يصرعه، فربما تعلق به الرجل فاستعدى عليه عند مروان، فيخبره أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمره بذلك، فإن لم يجد أسطوانة فلينصب بين يديه شيئًا طوله قدر ذراع، وليكون ذلك علامة لحده.
السابع: أن يطلب الصف الأول فإن فضله كثير، كما رويناه، وفي الحديث:((من غسل واغتسل وبكر وابتكر، ودنا من الإمام واستمع، كان ذلك له كفارة لما بين الجمعتين وزيادة ثلاثة أيام)) وفي لفظ آخر: ((غفر الله له إلى الجمعة الأخرى)).