الثامن: أن يقطع الصلاة عند خروج الإمام ويقطع الكلام أيضًا، بل يشتغل بجواب المؤذن ثم باستماع الخطبة، وقد جرت عادة بعض العوام بالسجود عند قيام المؤذنين، ولم يثبت له أصل في أثر ولا خبر، ولكنه إن وافق سجود تلاوة فلا بأس بها للدعاء لأنه وقت فاضل، ولا يُحكم بتحريم هذا السجود فإنه لا سبب لتحريمه، وقد روي عن علي وعثمان -رضي الله عنهما- أنهما قالا:"من استمع وأنصت فله أجران، ومن لم يستمع وأنصت فله أجر، ومن سمع ولغا فعليه وزران، ومن لم يستمع ولغا فعليه وزر واحد". وقال -صلى الله عليه وسلم-: ((من قال لصاحبه والإمام يخطب: أنصت أو مه؛ فقد لغا، ومن لغا والإمام يخطب فلا جمعة له)).
وهذا يدل على أن الإسكات ينبغي أن يكون بإشارة أو رمي حصاة، لا بالنطق، وفي حديث أبي ذر:((أنه لما سأل أبيّ النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: متى أنزلت هذه السورة؟ فأومأ إليه أن اسكت، فلما نزل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال له أبيّ: اذهب فلا جمعة لك، فشكاه أبو ذر إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: صدق أبيّ)).
وإن كان بعيدًا من الإمام فلا ينبغي أن يتكلم في العلم ونحوه، بل يسكت ولا يجلس في حلقة من يتكلم، فمن عجز عن الاستماع بالبعد فلينصت فهو المستحب، وإذا كانت تكره الصلاة في وقت خطبة الإمام فالكلام أولى بالكراهة. وقال علي -رضي الله عنه-: "تكره الصلاة في أربع ساعات: بعد الفجر وبعد العصر ونصف النهار والصلاة والإمام يخطب".
التاسع: أن يراعي في قدوة الجمعة ما ذكرناه في غيرها، فإذا سمع قراءة الإمام لم يقرأ سوى الفاتحة، فإذا فرغ من الجمعة قرأ الحمد لله سبع مرات قبل أن يتكلم، و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} والمعوذتين سبعًا سبعًا، وروى بعض السلف أن من فعله عصم من الجمعة إلى الجمعة، وكان حرزًا له من الشيطان. ويستحب أن