استدل سبحانه وتعالى على بطلان أن يكون له ولد بأمر معروف مألوف، لا يماري فيه أحد، وهو أنه لو كان له ولد لكانت له صاحبة، ولم يدع أحد أن له صاحبة، فيجب ألا يكون له ولد.
وأما إن كان الخصم من المكابرين، الذين لا يستفيدون مطلقًا، فإن الجدل يضع معهم حدًا حتى لا يخرج الجدل عن الحسنى، التي أمر الله أن يتحلى بها جدل الدعوة، وذلك كقوله تعالى للكافرين:{لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ}(الكافرون: ٦) فقد وضع هذا الجدل حدًا للنقاش مع هؤلاء الكافرين المكابرين.
يقول الإمام الخازن:"والمخاطبون بهذه الصورة كفرة مخصوصون، قد سبق في علم الله أنهم لا يؤمنون، ولذلك أمر الله رسوله أن يترك الجدل معهم، ويعرفهم أن له دينه ولهم دينهم، والأمر لله بعد أن أوضح الحجة وألزمهم المحجة".
٤ - الترغيب والترهيب:
يراعي الجدل القرآني هذا النوع في الخطاب؛ لأن الإنسان يحب الخير ويسعى إليه، ويكره الألم وينفر منه، ولهذا الغرض يسوق القرآن حوارًا يجري بين أهل الجنة وأهل النار، فيقول تعالى:{نَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ أَنْ قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قَالُوا نَعَمْ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ}(الأعراف: ٤٤) والوعد المسئول عنه أشياء جاءت على ألسنة الرسل، تظهر في الآخرة، كالبعث والحساب ونعيم أهل الجنة وعذاب أهل النار، ومجرد اعتراف الكفار بوقوع الوعود به يثير وجدان الكافرين، ويجعلهم يرهبون مصيرهم بسبب الكفر، ويحاولون النجاة.
ويقول تعالى:{وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ}(الأعراف: ٥٠) هذه الآية تبين