تحقق أعمالًا لا يقدر عليها الناس، ولا يمكنهم تفهم أسرارها، وذلك أثر ممكن الحدوث، وبخاصة أن أهل الكتاب وحكماء العرب يؤمنون بمبعث نبي بشرت به الكتب المنزلة؛ يقول الله تعالى:{الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ}(البقرة: ١٤٦) ويقول سبحانه: {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ}(الأعراف: ١٥٧).
إن العالم كله قُبَيْل بعثة النبي -صلى الله عليه وسلم- وقبيل مولده كان في انتظار رسول جديد يجمع العالم على الحق، وعلى هذا؛ فإن حدوث الميلاد محاطًا بهذه الحكم يمثل عوامل تصديق رسالة الرسول بعد مبعثه، وتعد دوافع إيمانية للعقلاء الذين يعرفون أن النبوة صناعة ربانية ولا مانع من جريان الأحداث معها على نحو خارق لعادة الناس.
ما يستفاد من حادثة الفيل:
أولًا: منزلة البيت عند العرب عظيمة:
وتعود هذه المنزلة إلى بقايا ديانة إبراهيم وإسماعيل -عليهما السلام- ولكن هذه المنزلة شُوهت بالأصنام؛ إنه بيت الله؛ بل هو أول بيت وضع للناس لعبادة الله سبحانه؛ فلا يتقدم عليه بيت أيًّا كان هذا البيت.
ثانيًا: أن حسد النصارى وحقدهم على البيت يتمثل في موقف أبرهة: أنه يريد أن يصرف الناس عن تعظيم البيت ببناء كنيسة القليس؛ وعلى الرغم من الترهيب والترغيب فإن العرب رفضت ذلك ووصل الأمر إلى غايته بأن أحدث فيها أحد الأعراب.