للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولقد كان من رحمة الله برسوله محمد -صلى الله عليه وسلم- أن بدأ الوحي بالرؤية الصادقة، تقول السيدة عائشة -رضي الله عنها: ((أول ما بدئ به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من الوحي: الرؤيا الصادقة في النوم، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح))، وبذلك كان الوحي يُعلِّم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو نائم ما يريده الله تعالى في رؤى صادقة خالية من الضعف والوهن، وكانت رؤى الوحي في وضوحها وظهورها تشبه ضوء الصبح في بيانه وسطوعه.

جاء في (فتح الباري) أنه ثبت في مراسيل عبيد بن عمير أنه صلى الله عليه وسلم أوحي إليه أولًا في المنام، حتى أتاه الملك بعد ذلك في اليقظة، على الصورة التي أتاه بها في المنام.

وقد تعددت الرؤى المنامية لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- وكان يندهش لذلك، ((رأى أن آتٍ أتاه ومعه صاحبان له فنظروا إليه فقالوا: هو هو، ثم ذهبوا، فهاله ذلك وتساءل عما رأى وعن حديثهم أمامه، فقال له عمه أبو طالب: يابن أخي ليس بشيء، وأتاه هذا الآتي مرة أخرى فجاء لعمه وقال له: يا عم، سطا بي الرجل الذي ذكرت لك، فأدخل يده في جوفي حتى إني أجد بردها، فخرج به عمه إلى رجل من أهل الكتاب يتطير بمكة، فحدثه حديثه وقال: عالجه، فصوب به وصعد وكشف عن قدميه، ونظر بين كتفيه وقال: يابن عبد مناف ابنك هذا طيب طيب، للخير فيه علامات، إن ظفرت به يهود قتلته)).

وأيضًا رأى في منامه أن سقف بيته نُزعت منه خشبة، وأُدخل فيه سلم من فضة، ثم نزل إليه رجلان، فأراد أن يستغيث فمُنع من الكلام، فقعد أحدهما إليه والآخر إلى جنبه، وأدخل أحدهما يده في جنبه، فنزع ضلعين منه، وأدخل يده في جوفه، ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- يجد بردهما، فأخرج قلبه ووضعه على كفه وقال لصاحبه: "نعم القلب، قلب رجل صالح، فطهّر قلبه وغسله، ثم أدخل القلب

<<  <   >  >>