ويقول النبي -صلى الله عليه وسلم:((خرجت مرة حتى إذا كنت في وسط الجبل سمعت صوتًا من السماء يقول: يا محمد أنت رسول الله، وأنا جبريل، فرفعت رأسي إلى السماء أنظر، فإذا جبريل في صورة رجل صاف قدميه في أفق السماء، فرفعت أنظر إليه فما أتقدم وما أتأخر، وجعلت أصرف وجهي عنه في آفاق السماء، فلا أنظر في ناحية منها إلا رأيته كذلك، فما زلت واقفًا لا أتقدم أمامي وما أتأخر ورائي، حتى بعثت خديجة رسلها في طلبي، فبلغوا مكة ورجعوا إليها، وأنا واقف في مكاني ذلك، ثم انصرفت راجعًا إلى أهلي، حتى أتيت خديجة فجلست إليها فقالت: يأبا القاسم أين كنت، فوالله لقد بعثت رسلي في طلبك فبلغوا مكة ورجعوا إليّ؟ ثم حدثتُها بالذي رأيت فقالت: أبشر يابن عمي واثبت، فوالذي نفسي بيده إني أرجو أن تكون نبي هذه الأمة، ثم قامت فجمعت عليها ثيابها، ثم انطلقت إلى ورقة، فأخبرته بما أخبرتها به، فقال ورقة: قدوس قدوس، والذي نفسي بيده لئن كنت صدقتيني يا خديجة لقد جاءه الناموس الأكبر الذي كان يأتي موسى، وأنه لنبي هذه الأمة، فقولي له: فليثبت، فرجعت خديجة إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأخبرته بقول ورقة)).
وفي مرة تالية قضى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- جواره وانصرف، وانصرف يسمع كما كان يسمع، حيث بدأ بالكعبة فطاف، فلقيه ورقة عند الكعبة قال له:"يابن أخي أخبرني بما رأيت وسمعت، فلما أخبره قال له ورقة: والذي نفسي بيده إنك لنبي هذه الأمة، ولقد جاءك الناموس الأكبر الذي جاء موسى، ولتكذبن، ولتقاتَلن، ولتؤذَين، ولئن أدركت ذلك لأنصرن الله نصرًا يعلمه، ثم أدنى رأسه منه فقبَّل يافوخه".
ويقول -صلى الله عليه وسلم- لخديجة:((لما قضيت جواري هبطت فنوديت، فنظرت عن يميني فلم أر شيئًا، فنظرت عن شمالي فلم أر شيئًا، فرفعت رأسي فرأيت شيئًا بين السماء والأرض فقلت: دثروني دثروني، وصبوا عليَّ ماء باردًا)).