للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فخرج بقول أن لا يدخلا فيها كسباً نادراً أو غرامة، مالو أدخلا فيها ما يحصل لهما من ميراث أو لقطة أو يجده أحدهما من ركاز.

أو يجب عليهما من غرامة كضمان غصب أو أرش جناية، فلو أدخلا فيها شيئاً من ذلك فإنها تكون شركة فاسدة، لما فيها من الغرر، لأن أحدهما قد يصيبه من الغرامة مالا يقدر الآخر على مشاركته في الوفاء به.

وعلى هذا فشركة المفاوضة لا تخرج عن شركة العنان عند غير المالكية والأعمال والوجوه والمضاربة (١)، وبما أن المالكية لا يجيزون شركة الوجوه إلاّ بالقيود التي ذكرناها عند الكلام عليها، فهي لا تدخل في المفاوضة عندهم إلاّ بتلك القيود، كما أن شركة العنان لا تدخل، لأن من شروط المفاوضة عند المالكية، إطلاق التصرف للشركاء، بينما العنان عندهم يشترط فيها نفي الاستبداد، كما سبق بيانه عند الكلام على شركة العنان. قال الدردير: (إن أطلقا التصرف، أي جعله كل لصاحبه. وإن ينوع فمفاوضة) (٢)

[حكمها]

حكم شركة المفاوضة الصحة عند الحنابلة والمالكية بالمعنى الذي أوضحناه، وبالشروط التي ذكرناها، فإن خولفت هذه الشروط كانت باطلة. واستدل الحنابلة على جوازها -وهذا الدليل لا يمانع فيه المالكية- بأنها تجمع بين أنواع الشركات السابقة، أو بعضها، وكل من تلك الشركات جائزة على الانفراد، للأدلة التي ذكرناها عند الكلام على كل منها، فلما جازت منفردة جازت هذه الشركات مجتمعة.


(١) بمعنى (أنها تستوعب هذه الأنواع) أي يمكن دخولها مجتمعة في المفاوضة عندهم.
(٢) الشرح الكبير ٣/ ٣١٣، ٣١٦.

<<  <   >  >>