للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[اختلاف سكة النقود]

لم يشترط الفقهاء الاتفاق في سكة النقود، وقد نصوا على جواز أن يخرج أحد الشريكين دنانير هاشمية، والآخر دمشقية، أو محمدية ويزيدية، ومعلوم مما سبق أن الشافعية يشترطون عدم تميز أحد المالين عن الآخر، واختلاف السكة فيه تمييز يعرف به مال كل شريك، أما المالكية فيشترطون الاتفاق في الصرف، وذلك بأن يتفقا في الوزن بعد اتفاقهما في الجنس، إلاّ إذا كان التفاوت قليلاً، كما سبق بيانه، والإجابة عليه، ولم يشترط المالكية الاتفاق في سكة النقود (١).

ومعلوم أن عملات الدول في هذا الوقت تكون عروضاً بالنسبة لدولة أخرى، كالأوراق النقدية، بدليل تغير سعرها خارج بلدها، واعتبارها كالعروض من جهة جواز التفاضل في القيمة إذا كان يداً بيد، لقوله : «إذا اختلف الجنسان فبيعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيد» (٢). وإلاّ فهي أثمان مختلفة الجنس.

والذي نراه لجواز الشركة بالنقود من بلدان مختلفة، هو توحيد هذه النقود بنقد واحد، وذلك بأن يستبدل أحدهما نقده بنقد من جنس نقد الآخر.

[هل يشترط خلط رأس المال؟]

ذهب الحنابلة إلى عدم اشتراط اختلاط رأس مال الشركاء، إذا عينوها وأحضروها، واستدلوا على ذلك: بأنه عقد يقصد به الربح، فلم يشترط فيه خلط المال كالمضاربة، ولأنه عقد على التصرف فلم يكن من شرطه الخلط كالوكالة، وبنوا على هذا أن تلفه عليهم، وزيادته لهم، من حين العقد، لأن الشركة اقتضت ثبوت الملك لكل واحد منهم في جزء من مال صاحبه (٣).


(١) المدونة ٥/ ١٢/ ٦٣، مواهب الجليل ٥/ ١٢٣.
(٢) صحيح مسلم ٥/ ٤٤.
(٣) المغني ٥/ ١٦ - ١٧.

<<  <   >  >>