للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وذهب المالكية إلى أن الخلط ليس شرطاً لصحة العقد، فالعقد ينشأ صحيحاً بمجرد انعقاده، وذهب سحنون إلى أنه شرط في لزومها، وهو خلاف المشهور في المذهب (١).

ويفرق الحنفية بين النقود وغيرها في اشتراط الاختلاط في رأس مال الشركة، فلا يشترطون اختلاط أموال الشركاء إذا كانت نقوداً «لأن الشركة تشتمل على الوكالة فما جاز التوكيل فيه جازت الشركة فيه، والتوكيل جائز في المالين قبل الخلط فكذا الشركة» (٢)، ولأن الربح لم يكن مستفاداً بعين رأس المال حتى يلزم فيه الخلط بل بالتصرف، وإذا ظهر تحقق الشركة بلا خلط تحققت في المستفاد بدونه، وصار كالمضاربة تتحقق الشركة في الربح بلا خلط (٣)، أما الشركة بالعروض فمعلوم -مما قدمنا- أنهم لا يجيزون الشركة بها إلاّ بطريق الحيلة؛ التي هي بيع كل شريك جزءاً من عرضه بجزء من عرض الآخر، أو نقوده، بحيث تكون شركة ملك، ثم يعقدون شركة العقد، وهذا البيع ينتج عنه اختلاط أموال الشركة.

أما إذا لم يحصل بيع فلا تصح الشركة في العروض إلاّ عند محمد في المثليات؛ إذ قال: يصح أن تكون أي المثليات رأس مال للشركة، بشرط الخلط، وأن تكون من جنس واحد، لأن المثليات ثمن من وجه، عرض من وجه، فتوفر لها الشبهين، فقال: إذا اختلطت أخذت حكم الأثمان، وإذا لم تخلط أخذت حكم العروض (٤).

ويرى الشافعية والظاهرية وزفر، أن شركة الأموال لا تصح إلاّ بخلط رأس المال خلطاً لا يتأتى معه تمييز مال الشركاء، وأن يكون ذلك قبل التصرف، فلا


(١) حاشية الدسوقي على الشرح الكبير ٣/ ٣١٤ توزيع دار الفكر.
(٢) بدائع الصنائع ٧/ ٣٥٤٠ م الإمام.
(٣) فتح القدير ٥/ ٢٥.
(٤) درر الحكام شرح مجلة الأحكام ٣/ ٣٧٦ - ٣٧٧، فتح القدير ٥/ ١٦ - ١٧، بدائع الصنائع ٦/ ٦٠.

<<  <   >  >>