للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واستدل أصحاب المذهب الثاني: «بأنه لو ملك حصته من الربح لصار شريكاً لرب المال حتى إذا هلك شيء كان هالكاً من المالين، فلما لم يجعل التالف من المالين دل على أنه لم يملك منه شيئا» (١).

الرد:

يرد على القائلين أن المضارب لا يملك الربح إلاّ بالقسمة، بأنه لا يوجد مانع أن يملكه ويكون وقاية لرأس المال، كنصيب رب المال من الربح، وقولهم لو ملك حصته من الربح لصار شريكاً حتى إذا هلك شيء كان هالكاً من المالين فيه نظر، لأن العبرة بالاستقرار لا بمجرد الملك، والاستقرار إنما يتم بالقسمة، وعلى هذا لا ما نع من أن تجبر الخسارة بالربح المشترك أولاً، ثم من رأس المال.

الترجيح:

الراجح عندي هو ثبوت ملك العامل لحصته من الربح بظهوره، لأن للمضارب حق المطالبة بالقسمة، ولا يكون ذلك إلاّ للمالك، يؤيده أنه حق يورث، ويتقدم به على سائر غرماء رب المال، ويغرمه المالك بإقدامه على إتلاف المال وربحه.

الحكم الثاني: المضارب حر في تصرفاته الخارجة عن عقد المضاربة، وكذا المتعلقة بها، إلاّ ما يتنافى ومصلحة المضاربة، ويتفرع على هذا مسألتان:

الأولى: إذا ضارب لرجل هل يصح أن يضارب لآخر؟

إذا أخذ من إنسان مضاربة، ثم أراد أخذ مضاربة أخرى من آخر فأذن له الأول جاز، وإن لم يأذن له، ولم يكن عليه ضرر جاز أيضاً، لأنه لا يملك جميع


(١) المجموع ١٤/ ٢٠٩

<<  <   >  >>