للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أما المالكية فيشترطون في شركة العنان نفي الاستبداد، بمعنى ألا يستبد أحد من الشركاء بالتصرف دون الآخر، فكل واحد من الشركاء يتوقف تصرفه على إذن الآخر، فإن تصرف أحدهما بلا إذن فللثاني رده، لأنها مأخوذة من عنان الدابة، كأن كل واحد منهما أخذ بعنان صاحبه، أي بناصيته، فلا يفعل فعلاً إلاّ بإذنه (١).

فإن شرط نفي الاستبداد من أحدهما فقط فهي صحيحة وتكون مطلقة من جهة، وقال بعضهم: تكون فاسدة، لأن الشركة يقتصر فيها على ما ورد، وهذا هو الظاهر عند بعض فقهاء المالكية (٢).

وبهذا فالوكالة عند المالكية في شركة العنان وكالة في شيء خاص.

وكل شريك أمين في مال الشركة فهو مصدق فيما يدعيه من تلف في المال، أو خسارة فيه، وفيما يدعي أنه اشتراه لنفسه أو للشركة، لأن الاختلاف ههنا في نيته، وهو أعلم بما نواه، لا يطلع على ذلك أحد سواه إلاّ الله، ولأنه أمين في الشراء فكان القول قوله كالوكيل (٣).

[شركة المفاوضة عند الحنفية]

وهناك نوع من العنان سماه الحنفية مفاوضة، وهي عندهم أن يشترك اثنان فيدخلا في الشركة جميع أموالهما الصالحة لأن تكون رأس مال للشركة، ويشترط في رأس المال التساوي (٤)، كما يشترط التساوي في الربح والخسارة (٥).


(١) الخرشي على خليل ٦/ ٤٩، العقد المنظم للحكام ٢/ ٢٦، مواهب الجليل ٥/ ١٣٤، الشرح الكبير للدردير ٣/ ٣٢٣، الشرح الصغير ٢/ ١٧١.
(٢) المصادر السابقة.
(٣) المغني ٥/ ٦٣.
(٤) فتح القدير ٥/ ٦.
(٥) درر الحكام ٣/ ٣٧٠ ذكر الدكتور الخياط في ٢/ ٢٣ من كتابه الشركات أن من شروط المفاوضة عند الحنفية أن يتساوى الشركاء في أموالهم المشترك فيها، وفي أموالهم الخاصة، أي التي لم تعقد عليها الشركة فلا يجوز أن يشترك كل منهم بألف دينار ويمتلك أحدهم ألفاً والآخر خمسمائة بل لابد أن يكون ما يملكه كل منهم مساوياً للآخر= = ولكن الحقيقة خلاف هذا، فالحنفية يشترطون ألا يبقى للشركاء شيء من الأملاك الخاصة التي تصلح أن تكون رأس مال للشركة، وإذا بقي عند أحدهم دينار أو درهم تفسد الشركة، فجميع أملاكهم التي تصلح أن تكون رأس مال للشركة لابد أن يتم التعاقد عليها وإلاّ لم تكن مفاوضة، كما أنه يشترط في هذه الأموال أن تكون متساوية.

<<  <   >  >>