للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لأن هذه الصيغة وإن كانت للإخبار عن الماضي وضعاً لكنها نقلت إنشاء للحال في عرف أهل اللغة.

والمضارع كأن يقول أشاركك أو نتشارك في كذا فيقبل من وجه إليه الإيجاب، وقد نويا عقد الشركة بينهما، وإنما اعتبرنا النية ههنا لأن صيغة أفعل تستعمل للحال والاستقبال فيحتمل الكلام العقد والوعد (١)، فلابد من نية الحال لتعيينه، ويمكن تعيينه بالقرينة، كقوله أشاركك الآن، بل هو أولى لظهوره.

إذا تقدم المضارع لا يجوز عند الحنابلة بصيغة استفهام أو بدون استفهام، نصوا على هذا، ومفهومه أنه يجوز إذا لم يتقدم.

وصيغة الأمر كأن يقول أحدهما شاركني، أو يقولون شاركنا، فيقبل من وجه إليه الإيجاب. قال مالك والشافعي: ينعقد بها العقد (٢).

وقال الحنابلة والحنفية لا ينعقد بها العقد (٣).

إلاّ أن الحنفية استثنوا ما إذا كانت بطريق الاقتضاء (٤)، فإذا دلت بطريق الاقتضاء على إيجاب الشركة، كقوله اتجر معي في هذا المال على أن الربح بيننا مناصفة فقال رضيت فإن هذه العبارة تدل على إيجاب مطوي (٥).

يقول الحنابلة صيغة الأمر لا ينعقد بها عقد البيع، إلاّ أن يتقدم القبول على الإيجاب، مثل أن يقول المشتري بعني فيقول البائع بعتك ففيه روايتان أرجحها الصحة، ولكن الشركة ليس فيها تقدم للقبول على الإيجاب، فالأول منهما موجب


(١) رد المحتار على الدر المختار ٤/ ٩ مصور دار احياء التراث العربي لطبعة بولاق.
(٢) المهذب ١/ ٢٥٧، الشرح الكبير للدردير ٣/ ٣.
(٣) كشاف القناع ٣/ ١٧٤، الإنصاف ٤/ ٢٦٣، المغني ٣/ ٥٠٢.
(٤) رد المحتار على الدر المختار ٤/ ١٠ مصور دار احياء التراث.
(٥) هو شاركتك بطريق الاقتضاء، أي شاركتك فاتجر معي … الخ.

<<  <   >  >>