للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أو الاتجار فيها، كما أنها تكون باطلة إن عقدت للحصول على الكسب في أي شيء حرمه الله تعالى وهذ عند جميع الفقهاء. وإذا كان المتجر فيه مباحاً ولكنه يؤول إلى محرم، عرف ذلك بالقرائن والأمارات، فإنه لا يصح العقد لأنه سبحانه إذا حرم شيئاً وله طرق ووسائل تؤدي إليه فإنه يحرمها ويمنعها تحقيقاً لتحريمه، وسداً لذريعة الفساد، لأنه ليس الشأن في الأسماء وصور العقود، وإنما الشأن في حقائقها ومقاصدها، وقد نص المحققون من الفقهاء على ذلك، كبيع السلاح لأهل الحرب أو في أيام الفتنة، أو لقطاع الطرق، وكبيع العنب لمن يتخذه خمراً، وكبيع الأمة أو إجارتها للغناء، وكإجارة داره لتتخذ كنيسة أو بيت نار، فكل هذا حرام والعقد باطل، وهذا مذهب أكثر الفقهاء (١).

والشافعية لا يقولون بالبطلان في هذه الحالات.

والأدلة على عدم جواز عقد الشركة لغرض محرم كثيرة، أكتفى بإيراد بعض منها:

أ- ما رواه الستة إلا النسائي عن أبي هريرة : أن رسول الله قال: «قَاتَلَ اللَّهُ يَهُودَ حُرِّمَتْ عليهمُ الشُّحُومُ، فَبَاعُوهَا وأَكَلُوا أثْمَانَهَا» (٢)؛ فالحديث دليل على أن كل ما يؤدي إلى الحرام فهو حرام، وفيه إبطال للحيل والوسائط إلى المحرم.

ب- ما رواه الإمام أحمد وأبو داود عن ابن عباس ، قال سمعت رسول الله يقول: «أتاني جِبريلُ، فقال: يا محمدُ، إنَّ اللهَ عزَّ


(١) المغني ٤/ ١٩٩، ٢٠٠، حاشية الدسوقي ٣/ ٦، حاشية الشرواني، درر الحكام شرح مجلة الأحكام ٣/ ٤٣٥، قلت أكثر الفقهاء احترازاً عما ذهب إليه الشافعية والحنفية في بعض الصور حيث صححوا العقد لبيع العنب لمن يتخذه خمراً.
(٢) صحيح البخاري بشرحه فتح الباري ٥/ ٣٢٠ م الحلبي.

<<  <   >  >>